لخرج منها، أو يقول: أنا أقدر على الخروج لكني لا أخرج، فأقام حتى مات، لم يكن عليه قود بلا خلاف. وهل فيه الدية؟ للشافعي فيه قولان:
أحدهما: فيه الدية، لأن الجاني بإلقائه.
والثاني: لا دية لأنه أعان على نفسه: وإنما عليه ضمان ما جنته النار بإلقائه فيها، وهذا هو الصحيح نذهب إليه (1).
والدليل على ذلك: أن الأصل براءة الذمة، فلا يعلق عليها إلا ما يقوم عليه دليل، ولا دليل على وجوب الدية في ذلك.
مسألة 21: إذا ألقاه في لجة البحر فهلك، كان عليه القود، سواء كان يحسن السباحة أو لم يكن يحسنها بلا خلاف بيننا وبين الشافعي (2). وإن ألقاه بقرب الساحل وكان مكتوفا سواء كان يحسن السباحة أو لم يحسنها، فمثل ذلك. وإن كان يحسن السباحة وكان فحلا وعلم من حاله أنه يمكنه الخروج فلم يفعل ذلك حتى هلك فلا قود عليه، وفي الدية طريقان.
وفي أصحابه من قال: على قولين مثل مسألة النار.
ومنهم من قال: لا ضمان هاهنا قولا واحدا، وهو الصحيح (3).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 22: إذا ألقاه في لجة البحر، فقبل وصوله إلى الماء ابتلعته سمكة، للشافعي في وجوب القود عليه قولان:
أحدهما: عليه القود، لأنه أهلكه بنفس الإلقاء وهو الصحيح الذي نذهب إليه.