لأنه مات بسراية فعله. وإن جعل في رقبته خراطة حبل وتحت رجليه كرسيا وشد الحبل إلى سقف بيت وما أشبهه ونزع الكرسي من تحته فاختنق ومات وجب عليه القود لأنه أوحى الخنق (مسألة) وإن طرحه في نار في حفير فلم يمكنه الخروج منها حتى مات وجب عليه القود لأنه قتله بما يقتل غالبا. وإن كانت النار في بسيط من الأرض، فإن كان لا يمكنه الخروج منها لكثرتها أو لشدة التهابها، أو بأن كتفه وألقاه فيها، أو بأن كان ضعيفا لا يقدر على الخروج وجب عليه القود لأنه قتله بما يقتل غالبا، وان أمكنه الخروج منها فلم يخرج حتى مات، ويعلم إمكان الخروج بأن يقول أنا أقدر على الخروج ولا أخرج لم يجب القود، وهل يجب عليه الدية فيه قولان:
(أحدهما) يجب عليه الدية، لأنه ضمنه بطرحه في النار، فلم تسقط عنه الضمان بتركه الخروج مع قدرته عليه، كما لو جرحه جراحة وأمكنه مداواتها فلم يداوها حتى مات.
(والثاني) لا يجب عليه الدية لان النفس لم يخرج بالطرح بالنار، وإنما خرجت ببقائه فيها باختياره، فهو كما لو خرج منها ثم عاد إليها، ويفارق ترك المداواة لأنه لم يحدث أمرا كان به التلف بخلاف بقائه في النار فإنه أحدث أمرا حصل به التلف، ولان البرء في الدواء أمر مظنون فلم تسقط به الدية، والسلامة بالخروج أمر متحقق فسقط بتركه الضمان، فإذا قلنا بهذا وجب على الطارح أرش ما عملت فيه النار من حين طرحه فيها إلى أن أمكنه الخروج فلم يخرج (فرع) قال الشافعي رحمه الله: لو طرحه في لجة بحر وهو يحسن العوم أو لا يحسن العوم فغرق فيها فعليه القود. وجملة ذلك أنه إذا طرحه في لجة البحر فهلك فعليه القود، سواء كان يحسن السباحة أو لا يحسن، لان لجة البحر مهلكة وان طرحه بقرب الساحل فغرق فمات - فإن كان مكتوفا أو غير مكتوف وهو لا يحسن السباحة - فعليه القود، وإن كان يحسن السباحة وأمكنه أن يخرج فلم يخرج حتى غرق ومات أو طرحه فيما يمكنه الخروج منه فلم يخرج منه حتى مات فلا يجب عليه القود، وهل تجب عليه الدية؟ فيه طريقان. من أصحابنا من قال