ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة " (1) فأخبر أن القاذف من إذا لم يأت بأربعة شهداء حد، وهذا ليس منهم، فإنه لا يحد إذا أتى بأقل منهم، وهو إذا شهد معه ثلاثة، فكل من خرج من قذفه بأقل من أربعة شهود لم يكن قاذفا.
مسألة 33: إذا شهد الأربعة على رجل بالزنا، فردت شهادة واحد منهم، فإن ردت بأمر ظاهر لا يخفى على أحد، فإنه يجب على الأربعة حد القذف، وإن ردت بأمر خفي لا يقف عليه إلا آحادهم، فإنه يقام على المردود الشهادة الحد، والثلاثة لا يقام عليهم الحد.
وقال الشافعي: إن ردت شهادته بأمر ظاهر فعلى قولين في الأربعة:
أحدهما: يقام عليهم الحد.
والثاني: لا يقام عليهم الحد.
وإن ردت شهادته بأمر خفي، فالمردود الشهادة لا حد عليه وهو المذهب، والثلاثة فالمذهب أنه لا حد عليهم، ومن أصحابه من قال على قولين (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، ولا دليل على أنه يجب على هؤلاء الحد، وأيضا: فإنهم غير مفرطين في إقامة الشهادة، فإن أحدا لا يقف على بواطن الناس، فكان عذرا في إقامتها، فلهذا لا حد، ويفارق إذا كان الرد بأمر ظاهر، لأن التفريط كان منهم، فلهذا حدوا.
والدليل على أن مع الرد بأمر ظاهر يجب الحد، قوله تعالى: " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة " (3) وهذا ما أتى بأربعة شهداء، لأن من كان ظاهره ما يوجب الرد لا يكون شاهدا.