وقال أبو ثور: له إجبارها عليه بكل (1) حال، لقوله تعالى: " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " (2) وهذا خبر معناه الأمر، فإذا ثبت وجوبه عليها، ثبت أنه يملك إجبارها عليه، لأنه إجبار على واجب.
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، والإجبار يحتاج إلى دليل. والآية محمولة على الاستحباب، وعليه إجماع الفرقة، وأخبارهم تشهد (3) بذلك.
مسألة 34: البائن إذا كان لها ولد يرضع، ووجد الزوج من يرضعه تطوعا، وقالت الأم: أريد أجرة المثل، كان له نقل الولد عنها. وبه قال أبو حنيفة، وقوم من أصحاب الشافعي (4).
ومن أصحابه من قال: المسألة على قولين:
أحدهما: مثل ما قلناه.
والثاني: ليس له نقله عنها، ويلزمه أجرة المثل. وهو اختيار أبي حامد (5).
دليلنا: قوله تعالى: " وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى " (6) وهذه إذا طلبت الأجرة وغيرها تتطوع فقد تعاسرا.
واستدل أبو حامد بقوله تعالى: " فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن " (7) فأوجب لها الأجرة إذا أرضعته ولم يفصل، وهذا ليس بصحيح، لأن الآية تفيد لزوم الأجرة إن أرضعت، وذلك لا خلاف فيه، وإنما الكلام في أنه يجب دفع