والدليل على أنه واجب بالقطع: أنه لو كان له عبد، فقطعت يده فباعه والدم جار، فاندمل عند المشتري، كان بدل تلك الجناية للبايع، فلولا أنها وجبت حين القطع وقبل البيع لم يكن للبايع فيه حق.
مسألة 85: إذا قطع إصبع غيره، فعفا عنها المجني عليه، ثم سرى إلى نفسه، كان لولي المقتول القود، ويجب عليه أن يرد على الجاني دية الإصبع التي عفى عنها المجني عليه. وإن أخذ الدية أخذ دية النفس إلا دية الإصبع.
وقال الشافعي: إذا عفا عن الإصبع سقط القصاص في النفس، لأن القصاص لا يتبعض (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2). وأيضا: قوله تعالى: " فقد جعلنا لوليه سلطانا " (3) وأيضا: قوله: " النفس بالنفس " (4) فمن ادعى أن العفو عن الإصبع قد أسقط القصاص فعليه الدلالة.
مسألة 86: إذا قطع إصبع غيره، صح من المجني عليه أن يعفو عنها وعما يحدث منها من الدية. فإذا فعل ذلك ثم سرى إلى النفس كان عفوه ماضيا من الثلث، لأنه بمنزلة الوصية. فإن لم يخرج من الثلث كان له مقدار ما يخرج منه.
وقال الشافعي: لا يخلو أن يقول ذلك بلفظ الوصية أو بلفظ العفو أو الإبراء، فإن قال بلفظ الوصية، فهل تصح الوصية للقاتل؟ فيه قولان:
أحدهما: تصح.
والآخر: لا تصح.