مسألة 42: إذا قال رجل لرجل: زنأت في الجبل. فظاهر هذا أنه أراد صعدت في الجبل، ولا يكون صريحا في القذف، بل يحمل على الصعود. فإن ادعى عليه القذف كان القول قوله مع يمينه، فإن نكل ردت على المقذوف، فإن حلف حد. وبه قال الشافعي، وأبو يوسف، ومحمد (1).
وقال أبو حنيفة: هذا قذف بظاهره، يجب به الحد (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.
وأيضا قوله: زنأت في الجبل حقيقة في الصعود، فأما الرمي بالزنا فإنما يقال فيه: زنيت، ولا يقال: زنأت. ألا ترى أن القائل يقول: زنأت أزنو زنا، يعني: صعدت وزنيت أزني زناء.
وزنا - بالمد والقصر -: لغتان، يعني: فعلت الزنا. فإحدى الصيغتين تخالف الأخرى.
وقال الشاعر، وهي امرأة (3):
أشبه أبا أمك أو أشبه عمل * ولا تكونن كهلوف وكل يصبح في مضجعه قد انجدل * وارق إلى الخيرات زنأ في الجبل وأيضا لو كانت هذه اللفظة تحتمل، لوجب أن لا تحمل على القذف