للسارق عنده غصب من أبيه، أو وديعة أو غير ذلك، أو أباح له وطئ الأمة، أو متعه بها. وإذا احتمل ذلك لم يقطع ولم يحد للشبهة، وإما مع الإقرار فإنه يقام عليه الحد والقطع، لأنه يثبت عليه القطع بإقراره، والحد بالزنا بإقراره، وهما من حقوق الله تعالى، فلا يقف على حضور الغائب.
والظاهر يوجب القطع وإقامة الحد عليه، وهو قوله تعالى: " فاقطعوا أيديهما " (1) وقوله: " فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " (2).
مسألة 43: إذا سرق عينا يقطع في مثلها قطعناه، فإن كانت العين باقية ردها بلا خلاف، وإن كانت تالفة غرم قيمتها. وبه قال الحسن البصري، والنخعي، والزهري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وابن شبرمة، والشافعي، وأحمد بن حنبل سواء كان السارق غنيا أو فقيرا (3).
وقال أبو حنيفة: لا أجمع بين الغرم والقطع، فإذا طالب المسروق منه بالسرقة ورفعه إلى السلطان، فإن غرم له ما سرق سقط القطع، وإن سكت حتى قطعه الإمام سقط الغرم عنه، وكان صبره وسكوته حتى قطعه رضى منه بالقطع عن الغرم (4). وقال مالك: يغرم إن كان موسرا، وإن كان فقيرا لا يغرم (5).