مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٨
نفسه كما لو حبسه وعنده ما يأكل فلم يفعل. (ولو ألقاه في ماء) راكد أو جار (لا يعد مغرقا) بسكون الغين وبفتحها وتشديد الراء (كمنبسط فيه مضطجعا) أو جالسا أو مستلقيا (حتى هلك فهدر) لا قصاص فيه ولا دية، لأنه المهلك نفسه. فإن ألقاه في الماء المذكور مكتوفا بحيث لا يمكنه التخلص فمات وجب القصاص. (أو) ألقى رجلا أو صبيا مميزا في ماء (مغرق) كنهر (لا يخلص منه إلا بسباحة) بكسر السين مصدر سبح في الماء: عام، (فإن لم يحسنها أو كان) مع إحسانها (مكتوفا أو زمنا) أو ضعيفا فهلك بذلك، (فعمد) فيه قصاص.
تنبيه: أفهم كلامه أن الماء الذي لا يتوقع الخلاص منه بالسباحة كلجة بحر أنه يجب فيه القصاص، سواء أكان يحسن السباحة أم لا، وهو كذلك. (وإن) أمكنه التخلص بسباحة مثلا، ولكن (منع منها عارض كريح وموج ) فهلك بسبب ذلك، (فشبه عمد) تجب ديته.
تنبيه: تعبيره يقتضي التصوير بطرو العارض، وهو يفهم أنه لو كان موجودا عند الالقاء يجب القود، وهو كذلك فهو كمن لا يحسن السباحة. (وإن أمكنته) سباحة أو غيرها كتعلق بزورق (فتركها) باختياره، كأن تركها حزنا أو لجاجا، (فلا دية في الأظهر) كما في المحرر، وعبر في الروضة كأصلها بقوله وجهان أو قولان لأنه المهلك نفسه بإعراضه عما ينجيه. والثاني: تجب، لأنه قد يمنعه من السباحة دهشة أو عارض باطني.
تنبيه: لو شك في إمكان تخلصه بأن قال الملقي: كان يمكنه الخروج مما ألقيته فيه فقصر، وقال الولي: لم يمكنه، صدق الولي بيمينه لأن الظاهر أنه لو أمكنه الخروج لخرج.
فرع: لو ربطه وطرحه عند ماء يزيد إليه غالبا كالمد بالبصرة فزاد ومات به فعمد، أو قد يزيد وقد لا يزيد فزاد ومات به فشبه عمد، أو بحيث لا يتوقع زيادة فاتفق سيل نادر فخطأ. (أو) ألقاه (في نار يمكن) معها (الخلاص منها) فمكث فيها حتى مات، (ففي الدية القولان) في الماء، والأظهر عدم الوجوب كما مر، ويعرف الامكان بقوله أو بكونه على وجه الأرض وإلى جانبه أرض لا نار عليها. فإن اختلف الملقي والولي في إمكان تخلصه صدق الولي كما مر لأن الظاهر أنه لو أمكنه الخروج لخرج، وقيل الملقي لأن الأصل براءة ذمته. (ولا قصاص في الصورتين) وهما الالقاء في الماء والالقاء في النار لأنه الذي قتل نفسه. (وفي) الالقاء في (النار وجه) بوجوب القصاص بخلاف الماء، والفرق أن النار تحرق بأول ملاقاتها وتؤثر قروحات قاتلة، بخلاف الماء. على أن في الماء وجها أيضا في الروضة، فلا مفهوم لتقييد المتن. وعلى عدم القصاص يجب على الملقي أرش ما أثرت النار فيه من حين الالقاء إلى الخروج على النص، سواء أكان أرش عضو أم حكومة، فإن لم يعرف قدر لذلك لم يجب إلا التعزير كما في البحر عن الأصحاب.
واحترز بقوله: يمكنه الخلاص عما إذا لم يمكنه لعظمها أو لكونها في وحدة أو كونه مكتوفا أو زمنا أو صغيرا أو ضعيفا فعليه القصاص.
تنبيه: إذا اجتمعت المباشرة مع السبب أو الشرط فقد يغلب السبب المباشرة كما مر في شهود الزور إذا اعترفوا بالتعمد والعلم فإن القصاص عليهم دون الولي والقاضي الجاهلين بكذب الشهود. وقد تغلب المباشرة السبب والشرط كما قال: (ولو أمسكه) شخص (فقتله آخر أو حفر بئرا) ولو عدوانا (فرداه فيها آخر) والتردية تقتل غالبا. (أو ألقاه من شاهق) أي مكان عال، (فتلقاه آخر فقده) أي قطعه نصفين مثلا قبل وصوله الأرض، والقد لغة هو القطع طولا
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548