وقال الشافعي كل ذلك يجب فيه الدية والكفارة، ويسمى قاتلا (1).
دليلنا: قوله تعالى: " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة " (2) وهذا ما قتل، ولا يسمى قاتلا، لأن القاتل في اللغة من باشر القتل. وأيضا الأصل براءة الذمة عن الكفارة، فمن أوجبها فعليه الدلالة.
وأما الدلالة على أنه بجميع ذلك لا يسمى قاتلا، أنه لو سمي ذلك لوجب أن يكون متى فعل ذلك في ملكه فوقع فيه إنسان فمات أن يسمى قاتلا، وأجمعنا على خلافه، ولأنه لو سمي قاتلا لوجب أن يكون متى تعمد ذلك أن يجب عليه القود، وقد أجمعنا على خلافه.
وأيضا فلو كان قاتلا، لوجب أن يكون فيه عمد يجب به الدية في ماله، وأجمعنا على خلافه، ولأنه إذا حفر بئرا فوقع فيها إنسان فما مات من فعله لأن فعله هو الحفر، وما مات به، وإنما تجدد بعد تقضي فعله وانقطاعه ما كان فيه التلف، فلم يكن به قاتلا، كما لو أعطى غيره سيفا فقتل به لا يكون قاتلا، ولأن الذي فعله الحفر، والمحفور الذي هو البئر ليس من فعله، وإذا وقع فيها واقع فالحافر ما باشر قتله، وما وقع في الحفر، وإنما وقع في المحفور، وذلك ليس من فعله.
مسألة 13: إذا كان الرجل ملفوفا في كساء أو في ثوب، فشهد شاهدان على رجل أنه ضربه فقده بأثنين، ولم يشهدا بجناية غير الضرب، واختلف الولي والجاني، فقال الولي: كان حيا حين الضرب، وقد قتله الجاني، وقال الجاني:
ما كان حيا حين الضرب كان القول قول الجاني مع يمينه. وبه قال أبو حنيفة (3) وهو أحد قولي الشافعي الصحيح عندهم (4).