الرواية، ومع هذا فهي معارضة لظاهر القرآن.
وأما ما تعلقوا به من قوله تعالى: ﴿وإني خفت الموالي﴾ (١) فإنما هي تأويل على خلاف الظاهر، وذلك أنه لم يك له بنو العم فيرثوه بسبب ذوي الأرحام لا بسبب العصبة، لأنه لو لم يكن بنو العم، وكان بدلهم بنات العم لورثنه بسبب ذوي الأرحام، فليس في هذا ما يدل على العصبة.
وأما قولهم: إنه سأل وليا ولم يسأل ولية فإنما ذلك لأن الخلق كلهم يرغبون في البنين دون البنات، فهو - عليه السلام - إنما سأل ما عليه طبع البشر، ولو كان يعلم أنه لو ولد له أنثى لم يكن يرث العصبة البعدى مع الولد الأقرب، لكن رغب فيما يرغب الناس كلهم فيه. على أن الآية دالة على أن العصبة لا ترث مع الولد الأنثى، لقوله تعالى: ﴿وكانت امرأتي عاقرا)﴾ (٢) والعاقر: هي التي لا تلد، فلو لم تكن امرأته عاقرا وكانت تلد، لم يخف الموالي من ورائه، لأنها متى ولدت ولدا كان ذكرا أو أنثى ارتفع عقرها، وأحرز الولد الميراث.
ففي الآية دلالة واضحة على أن العصبة لا ترث مع أحد من الولد، ذكرا كان أو أنثى. على أنا لا نسلم أن زكريا سأل الذكر دون الأنثى، بل الظاهر يقتضي أنه طلب الأنثى كما طلب الذكر.
ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء﴾ (3) فإنما طلب زكريا حين رأى مريم على حالها أن يرزقه الله تعالى مثل مريم لما رأى من منزلتها عند الله، فرغب إلى الله في مثلها، وطلب إلى