تعملون فيه؟ فإن أدخلتم النقص على الكل، فهو الذي أردناه، وإن أردتم نقصان بعض، فلا بعض بذلك أولى من بعض.
قيل: نحن ندخل النقص على من أجمع المسلمون على دخول النقص عليه، ولا ندخل النقص على من اختلفوا في دخول النقص عليه. مثال ذلك:
إذا اجتمع زوج وأبوان وبنتان، فإنما نعطي الزوج الربع كملا، وللأبوين السدسان كملا، ويدخل النقص على البنتين، فإنهما منقوصتان بلا خلاف.
فنحن نقول: جميع النقص داخل عليهما، وهم يدعون أن النقص داخل عليهما وعلى غيرهما، فقد حصلتا بالإجماع منقوصتين. والزوج والأبوان ما أجمع المسلمون على دخول النقص عليهم، ولا قام دليل عليه، فوفيناهم حقوقهم على الكمال.
واستدلوا على صحة مذهبهم بقياس ذوي السهام على الديون إذا عجزت التركة عنها، وأنه يدخل النقص على جميع الغرماء، وكذلك بوصايا كثيرة يعجز الثلث عنها، وأنه يدخل النقص على الجميع، فكذلك ذوو السهام، وقد تكلمنا على ذلك في تهذيب الأحكام، وبينا أن مذهبنا في الوصية مخالف لمذهب القوم، وهو أن النقص يدخل على من ذكر أخيرا، فلا يلزمنا ما قالوه (1).
وأما الديون فلا تشبه ما نحن فيه، لأنها باقية في ذمة الميت، فإذا قضي بعضها بقي الباقي في ذمته. وليس كذلك ذوو السهام، لأنهم يستحقون من التركة ما يصيب كل واحد منهم، فإذا نقصوا عما سمي لهم لم يبق لهم شئ هناك، فبان الفرق بين ذلك والوصية والدين.
وذكرنا هناك ما يلزم القائلين بالعول من المحال والأقوال الشنيعة ما يكفي، فلا نطول بذكره هاهنا.