على أن هذا إنما ألزمناهم على أصولهم، وناقضناهم على مذاهبهم، لأن عندنا أن هذه المسائل كلها الأمر فيها بخلاف ذلك، لأن مع البنت للصلب لا يرث أحد من الإخوة والأخوات على حال، ولا يرث معها أحد من ولد الولد.
ولا مع الأخت من الأب والأم يرث العم، ولا الأخت من الأب، لقوله تعالى:
﴿وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض﴾ (1) وأن البنت للصلب أولى وأقرب من جميع ما ذكروه.
فقد بينا أنهم تاركون لظاهر الخبر، وإذا تركوا ظاهره إلى ما قالوه جاز لنا أن نحمله على ما نقوله، بأن نقول: هذا الخبر على تسليمه يحتمل أشياء.
منها: أن يكون مقدرا في رجل مات وخلف أختين من قبل الأم، وابن أخ وبنت أخ لأب وأم وأخا لأب، فللأختين من قبل الأم الثلث فرضهما، فما بقي فلأولى ذكر - وهو الأخ للأب -. وفي مثل امرأة وخال وخالة وعم وعمة وابن أخ، فللمرأة فريضتها الربع، وما بقي فلأولى ذكر - وهو ابن الأخ - ويسقط الباقون.
فإن قيل: ليس ما ذكرتموه صحيحا، لأنه إنما ينبغي أن تبينوا أن أولى ذكر يحوز الميراث مع التساوي في الدرج. فأما إذا كان أحدهما أقرب فليس بالذي تناوله الخبر.
قلنا: ليس في ظاهر الخبر أن ما أبقت الفرائض فلأولى عصبة ذكر مع التساوي في الدرج، بل هو عام في المتساويين وفي المتباعدين، وإذا حملناه على شئ من ذلك برئت عهدتنا، على أنه لو كان المراد به مع التساوي لم يجز لهم أن يورثوا ابن العم والعم مع البنت، لأن البنت أقرب منهما.