وقال أبو حنيفة وأصحابه: المسكين أسوأ حالا من الفقير. فالمسكين عنده على صفة الفقير عندنا. والفقير على صفة المسكين. وبهذا قال الفراء، وجماعة من أهل اللغة (1).
دليلنا: قوله تعالى: " أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر " (2) فسماهم مساكين مع أنهم يملكون سفينة بحرية، وذلك يدل على ما قلناه، ولأن الله تعالى بدأ في آية الصدقة بالفقراء ومن شأن العرب أن يبتدئ بالأهم.
مسألة 11: الاستغناء بالكسب يقوم مقام الاستغناء بالمال في حرمان الصدقة، فإذا كان رجل جلد مكتسب يكسب ما يحتاج إليه لنفقته ونفقة عياله حرمت عليه الصدقة. وبه قال الشافعي (3)، وفي الصحابة: عبد الله بن عمرو ابن العاص. وفي الفقهاء أبو ثور، وإسحاق (4).
وقال أبو حنيفة وأصحابه: الصدقة لا تحرم على المكتسب، وإنما تحرم على من يملك نصابا من المال الذي يجب فيه الزكاة، أو قدر النصاب من المال الذي لا يجب فيه الزكاة (5).
وقال محمد: أكره دفع الصدقة إلى المكتسب، إلا أنه يجزي. وبه قال قوم من أصحابنا (6).