لو كان على ما قالوه لم يجب به الضمان، لأنه لو صرح وقال: إن فيه مالا لم يضمن فبان لم يضمن بالتنبيه عليه أولى.
مسألة 12: إذا خلط الوديعة بماله خلطا لا يتميز. مثل أن يخلط دراهم بدراهم، أو دنانير بدنانير، أو طعاما بطعام، فإنه يضمن، سواء خلطها بمثلها، أو أرفع منها، أو أدون منها على كل حال، وبه قال أبو حنيفة، وأهل العراق (1).
وقال مالك: إن خلطها بأدون منها ضمن، وإن خلطها بمثلها لم يضمن (2).
دليلنا: طريقة الاحتياط، وأيضا فإنه قد تعدى فيها بالخلط، بدلالة أنه لا يمكنه أخذ ماله بعينه، فوجب عليه الضمان.
مسألة 13: إذا أودعه دراهم أو دنانير، فانفقها المودع، ثم رد مكانها غيرها، لم يزل الضمان، وبه قال الشافعي (3).
وقال مالك: زال الضمان عنه بذلك الرد. بناه على أصله، لأن عنده للمودع إنفاق الوديعة، فأقل الأقسام أن يكون دينا في ذمته، فهو أحظى للمودع من الحرز (4).