والثاني: إذا نهى كل واحد منهما عن الانفراد بالتصرف، فمتى اجتمعا صح التصرف، وإن انفرد أحدهما لم يصح، وإن تغير حال أحدهما فليس للذي لم يتغير حاله أن ينفرد بالتصرف، وللحاكم أن يقيم مقامه آخر ويضيفه إلى الذي بقي، وإن رأى الحاكم أن يفوض الأمر إلى الذي بقي، هل يصح ذلك أم لا؟
على وجهين، فإن تغير حالهما معا فعلى الحاكم أن يقيم رجلين مقامهما، وهل له أن يقيم واحدا مقامهما أم لا؟ فعلى وجهين، وهذان الفصلان لا خلاف فيهما.
والثالث: إذا أطلق فالحكم فيه كالحكم في الفصل الثاني في جميع الوجوه، وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو يوسف: يجوز لكل واحد منهما أن ينفرد بالتصرف إذا أطلق كما لو قيد (2).
وقال أبو حنيفة، ومحمد: القياس يوجب أن لا يجوز أن ينفرد أحدهما بالتصرف أصلا، لكن جوزنا في خمسة أشياء، أن ينفرد كل واحد منهما بالتصرف استحسانا، شراء الكفن، وحفر القبر، والدفن، والتفرقة في الثلث، وقضاء الدين، ورد الوديعة، والنفقة على عياله مثل الطعام. وأما الكسوة فوافقونا أنه لا يجوز أن ينفرد أحدهما بشرائه (3).
دليلنا: أنه إذا اجتمعا صح تصرفهما بلا خلاف، وإذا انفرد أحدهما فلا دليل على صحة تصرفه.
مسألة 40: لا يجوز أن يوصي إلى أجنبي بأن يتولى أمر أولاده مع وجود أبيه، ومتى فعل لم تصح الوصية، لأن الجد أولى به، وبه قال الشافعي (4).