مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٧٧
رجل وامرأتان على الغصب أو السرقة ثبت المال دون الطلاق والعتق.
تنبيه: محل ثبوت المال ما إذا شهدوا بعد دعوى المالك أو وكيله، فلو شهدوا حسبة لم يثبت بشهادتهم المال أيضا، لأن شهادتهم منصبة إلى المال، وشهادة الحسبة بالنسبة إلى المال غير مقبولة. (ويشترط ذكر الشاهد) بسرقة مال (شروط السرقة) الموجبة للقطع ببيان السارق بالإشارة إلى عينه إن كان حاضرا، ويذكر اسمه ونسبه بحيث يحصل التمييز إن كان غائبا. واستشكل بأن البينة لا تسمع على غائب في حدود الله تعالى، وقد يجاب بأنها إنما سمعت تغليبا لجانب المال، ولهذا لا قطع على السارق حتى يحضر المالك ويدعي بما له كما مر، وببيان المسروق منه والمسروق، وكون السرقة من حرز بتعينه أو وصفته وغير ذلك فلا يكفي الاطلاق، إذ قد يظن ما ليس بسرقة سرقة لاختلاف العلماء فيما يوجب القطع. واستثنى البلقيني من إطلاقه مواضع: إحداها أن من شروط القطع كون المسروق نصابا، وهذا لا يشترطان يذكره الشاهد، بل يكفي تعيين المسروق ثم الحاكم ينظر فيه فإذا ظهر له أنه نصاب عمل بمقتضاه، ثانيها: ومن شروطه كون المسروق ملكا لغير السارق، وهذا لا يشترط في شهادة الشاهد بل يكفي أن يقول سرق هذا ثم المالك يقول هذا ملكي والسارق يوافقه، ثالثها: ومن شروطه عدم الشبهة مقتضاه اعتبار أن يقول في شهادته: ولا أعلم له فيه شبهة وقد حكاه في الروضة عن القاضي أبي الطيب وغيره. ثم قال: قال صاحب الشامل وليكن هذا تأكيدا لأن الأصل عدم الشبهة فيكون مستثنى على هذا ولكن المعتمد الأول وقياسه اشتراط ذلك في الاقرار بالسرقة ويشترط بإنفاقهما في شهادتهما. (و) حينئذ (لو اختلف شاهدان) في وقت الشهادة ( كقوله) أي أحدهما (سرق بكرة و) قول (الآخر) سرق (عشية فباطلة) هذه الشهادة لأنهما شهدا على فعل لم ينفقا عليه.
تنبيه: قوله: فباطلة أي بالنسبة إلى القطع، أما المال فإن حلف المسروق منه مع الشاهد أخذ الغرم منه، وإلا فلا، كذا قالاه، والمراد حلف مع من وافقت شهادته دعواه أي الحق في زعمه كما بينه في الكفاية.
تنبيه: أطلق المصنف الاختلاف، والمراد به القادح فإنه لو قال أحدهما: سرق كيسا وقال الآخر: كيسين ثبت الواحد وتعلق به القطع إن كان نصابا، ولو شهد اثنان بسرقة واثنان بسرقة فإن لم يتواردا على عين واحدة ثبت القطع والمالان، وإن تواردا على عين واحدة كأن شهد اثنان أنه سرق كذا غدوة، وشهد آخران أنه سرقه عشية تعارضتا فلا يحكم بواحدة منهما، وإن شهد له واحد بسرقة ثوب أبيض وآخر بأسود فله أن يحلف مع أحدهما، وله مع ذلك أن يدعي الثوب الآخر ويحلف مع شاهده واستحقهما، لأن ذلك مما يثبت بالشاهد واليمين، ولا يقال تعارضت شهادتهما لأن الحجة لم تتم، ولا قطع لاختلاف شهادتهما. (وعلى السارق رد ما سرق) إن بقي لخبر أبي داود: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. وقال أبو حنيفة: إن قطع لم يغرم، وإن غرم له لم يقطع. وقال مالك: إن كان غنيا ضمن وإلا فلا. لأن القطع لله تعالى والضمان لآدمي فيمنع أحدهما الآخر، ولا يمنع الفقر إسقاط مال الغير، ولو كان للمسروق منفعة استوفاها السارق أو عطلها وجبت أجرتها كالمغصوب، ولو أعاد المال المسروق إلى الحرز لم يسقط القطع ولا الضمان عنه. وقال أبو حنيفة: يسقطان. وعن مالك: لا ضمان ويقطع. قال بعض أصحابنا: ولو قيل بالعكس لكان مذهبا لدرء الحدود بالشبهات (فإن تلف ضمنه) ببدله جبرا لما فات (وتقطع يمينه) أي يده اليمنى أولا وإن كان أعسر بالاجماع وفي معجم الطبراني أن النبي (ص) أتى بسارق فقطع يمينه، وكذا فعل الخلفاء الراشدون. وقال تعالى * (فاقطعوا أيديهما) * وقرئ شاذا: فاقطعوا أيمانهما، والقراءة الشاذة كخبر الواحد في الاحتجاج كما نص عليه في البويطي. وقال إمام الحرمين: الظاهر من مذهب الشافعي أنه لا يحتج بها، فقلده المصنف في ذلك فجزم به في شرح مسلم في قوله: شغلونا عن الصلاة الوسطى. قال في المهمات: فاحذر ذلك. فإن قيل: لم قطعت يد السارق ولم يقطع
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548