مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٦٨
لمن يمكن وطؤه في معرض التعبير، فلو قال لابنة سنة مثلا: زنيت فإنه ليس بقذف كما قاله الماوردي، لأن القذف ما احتمل الصدق أو الكذب، وهذا مقطوع بكذبه، ولهذا يعزر للايذاء. ولو شهد عليه بالزنا مع تمام النصاب لم يكن قذفا، وكذا لو شهد عليه شاهد بحق فقال: خصمي يعلم زنا شاهده فحلفه أنه لا يعلمه، ومثله: أخبرني بأنه زان أو شهد يجرحه فاستفسره الحاكم فأخبره بزناه كما قاله الشيخ أبو حامد وغيره، أو قال له: اقذفني فقذفه على الصحيح، وكذا لو كان اسمها زانية فناداها به. وهذه الصور كلها تخرج بقولنا على جهة التعبير، ولا فرق في المرأة بين أن يعلمها أو يظنها زوجته أم لا.
(والرمي) لشخص (بإيلاج) ذكره أو (حشفة) منه (في فرج مع وصفه) أي الايلاء (بتحريم) مطلقا، (أو) الرمي بإيلاج ذكر أو حشفة في (دبر صريحان) وهذا خبر المبتدأ، والمعطوف عليه المقدر ب‍ أو التقسيمية كما تقرر. ولو قال: صريح كان أولى، لأن العطب ب‍ أو. ومن الصريح اللفظ المركب من النون والياء والكاف الموصوف بالحرمة لأنه صريح لا يقبل التأويل، وكذا كل صريح في الايلاج وصف بالتحريم فإنه صريح. وإنما اشترط الوصف بالتحريم في القبل دون الدبر لأن الايلاج في الدبر لا يكون إلا حراما، فإن لم يصف الأول بالتحريم فليس بصريح لصدقه بالحلال بخلاف الثاني: فإن قيل: الوطئ في القبل قد يكون محرما وليس بزنا كوطئ حائض ومحرمة بنسب أو رضاع، فالوجه أن يضيف إلى وصفه بالتحريم ما يقتضي الزنا. أجيب بأن المتبادر عند الاطلاق الحرام لذاته فهو صريح، فإن ادعى شيئا مما ذكر واحتمل الحال قبل منه كما في الطلاق في دعوى إرادة حل الوثاق، وسواء خوطب بهما ذكر أم أنثى، كقوله للذكر:
أولجت في فرج محرم أو دبر أو أولج في دبرك، ولها: أولج في فرجك المحرم أو دبرك. وقوله: زنيت في قبلك صريح في المرأة دون الرجل، لأن الرجل يزني به لا فيه. ولو قال: وطئك في القبل أو الدبر اثنان معا لم يكن قذفا لاستحالته، فهو كذب محض فيعزر للايذاء. فإن أطلق بأن لم يقيد بقبل ولا دبر قال الأسنوي: فيحد لامكان ذلك بوطئ واحد في القبل والآخر في الدبر اه‍. وفي هذا نظر لا يخفى على من يعرف النساء. (وزنأت) بالهمز (في الجبل) أو السلم أو نحوه، (كناية) لأن الزنا في الجبل ونحوه هو الصعود فيه. واحترز بالتقيد بالجبل عما لو قال: زنأت - بالهمزة - في البيت فإنه صريح، لأنه لا يستعمل بمعنى الصعود في البيت ونحوه، فإن كان فيه درج يصعد إليه فيها فوجهان، أوجههما كما قال شيخنا أنه كناية.
(وكذا زنأت فقط) أي بالهمز وحذف الجبل كناية (في الأصح) لأن ظاهره يقتضي الصعود. والثاني: أنه صريح، والياء قد تبدل همزة. والثالث: إن أحسن العربية فكناية، وإلا فصريح. (وزنيت) بالياء (في الجبل صريح في الأصح) للظهور فيه كما لو قال في الدار. وذكر الجبل يصلح فيه إرادة محله، فلا ينصرف الصريح عن موضوعه، فلو قال: أردت الصعود صدق بيمينه لاحتمال إرادته. والثاني: أنه كناية، لأن الياء قد تقام مقام الهمزة، ونقله الأذرعي عن نص الام.
والثالث: إن أحسن العربية فصريح منه وإلا فكناية. ولو قال: يا زانية في الجبل بالياء كان كناية كما قالاه. فإن قيل: هلا كان كقوله زنيت في الجبل كما مر أجيب بأنه لما قرن قوله في الجبل الذي هو محل الصعود بالاسم المنادى الذي لم يوضع لانشاء العقود خرج عن الصراحة بخلاف الفعل. (وقوله) لرجل: (يا فاجر يا فاسق) يا خبيث، (ولها) أي لامرأة: يا فاجرة يا فاسقة (يا خبيثة وأنت تحبين الخلوة) أي الظلمة أو لا تردين يد لامس، (ولقرشي: يا نبطي) نسبة للانباط، وهم قوم ينزلون البطائح بين العراقين، أي أهل الزراعة، سموا بذلك لاستنباطهم الماء، أي إخراجه من الأرض. (ولزوجته: لم أجدك عذراء) أو بكرا أو وجدت معك رجلا، (كناية) في القذف هو راجح للمسائل كلها لاحتمالها القذف وغيره، والقذف في يا نبطي لام المخاطب. ولو عبر بالعربي بدل القرشي لكان أعم.
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460