فإن قالوا لسن بحوامل كلف الجاني إحضار الحوامل ودفعهن، فإن أخذ الولي الإبل بقول أهل الخبرة أنهن حوامل واتفق هو والقاتل أنهن حوامل، فإن صح أنهن حوامل فقد استوفى حقه. وإن خرجن حوامل نظرت فإن كانت الإبل حاضرة ولم يعينها كان للولي ردها والمطالبة بحوامل، وإن كان الولي قد غيبها مدة يمكن أن تضع فيها فقال القاتل: كن حوامل وقد وضعن في يدك، وقال الولي لم تكن حوامل، فإن كان الولي قد أخذ الإبل باتفاقهما لا بقول أهل الخبرة فالقول قول الولي مع يمينه، لان الأصل عدم الحمل، وإن كان قد أخذها بقول أهل الخبرة ففيه وجهان:
(أحدهما) القول قول الولي مع يمينه لان أهل الخبرة إنما يخبرون من طريق الظن والاستدلال، ويجوز ألا يكون صحيحا، فكان القول قول الولي مع يمينه كما لو أخذها الولي باتفاقها.
(والثاني) أن القول قول الجاني مع يمينه لأنا قد حكمنا بكونها حوامل بقول أهل الخبرة، فإذا ادعى الولي أنها ليست بحوامل كان قوله مخالفا للظاهر فلم يقبل والله تعالى أعلم بالصواب.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب كفارة القتل من قتل من يحرم عليه قتله من مسلم أو كافر له أمان خطأ وهو من أهل الضمان وجبت عليه الكفارة، لقوله تعالى (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) وقوله تبارك وتعالى (فإن كان من قوم عدو لكن وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة) فإن قتله عمدا أو شبه عمد وجبت عليه الكفارة، لأنها إذا وجبت في قتل الخطأ مع عدم المأثم فلان تجب في العمد وشه العمد وقد تغلظ بالإثم أولى.
وإن توصل إلى قتله بسبب يضمن فيه النفس، كحفر البئر، وشهادة الزور