ومن لا يسأل ممن له حرفة لا تقع منه موقعا ولا تغنيه ولا عياله وقال في الجديد سائلا كان أو غير سائل (قال المزني) أشبه بقوله ما قاله في الجديد لأنه قال لأن أهل هذين السهمين يستحقونهما بمعنى العدم وقد يكون السائل بين من يقل معطيهم وصالح متعفف بين من يبدونه بعطيتهم (قال الشافعي) رحمه الله فإن كان رجل جلد يعلم الوالي أنه صحيح مكتسب يغنى عياله أو لا عيال له يغنى نفسه بكسبه لم يعطه فإن قال الجلد لست مكتسبا لما يغنيني ولا يغنى عيالي وله عيال وليس عند الوالي يقين ما قال فالقول قوله واحتج بأن رجلين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه من الصدقة فقال " إن شئتما ولاحظ فيها لغنى ولا لذي مرة مكتسب " (قال الشافعي) رأى عليه الصلاة والسلام صحة وجلدا يشبه الاكتساب فأعلمهما أنه لا يصلح لهما مع الاكتساب ولم يعلم أمكتسبان أم لا فقال " إن شئتما " بعد أن أعلمتكما أن لاحظ فيها لغنى ولا لمكتسب فعلت (قال) والعاملون عليها من ولاه الوالي قبضها ومن لا غنى للوالي عن معونته عليها وأما الخليفة ووالى الإقليم العظيم الذي لا يلي قبض الصدقة وإن كانا من القائمين بالامر بأخذها فليسا عندنا ممن له فيها حق لأنهما لا يليان أخذها وشرب عمر رضي الله عنه لبنا فأعجبه فأخبر أنه من نعم الصدقة فأدخل أصبعه فاستقاءه (قال) ويعطى العامل بقدر غنائه من الصدقة وإن كان موسرا لأنه يأخذه على معنى الإجارة (قال) والمؤلفة قلوبهم في متقدم الاخبار ضربان ضرب مسلمون أشراف مطاعون يجاهدون مع المسلمين فيقوى المسلمون بهم ولا يرون من نياتهم ما يرون من نيات غيرهم فإذا كانوا هكذا فأرى أن يعطوا من سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خمس الخمس ما يتألفون به سوى سهامهم مع المسلمين وذلك أن الله تعالى جعل هذا السهم خالصا لنبيه صلى الله عليه وسلم فرده في مصلحة المسلمين (واحتج) بأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى المؤلفة يوم حنين من الخمس مثل عيينة والأقرع وأصحابهما ولم يعط عباس بن مرداس وكان شريفا عظيم الغناء حتى استعتب فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم (قال الشافعي) رحمه الله لما أراد ما أراد القوم احتمل أن يكون دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شئ حين رغب عما صنع بالمهاجرين والأنصار فأعطاه على معنى ما أعطاهم واحتمل أن يكون رأى أن يعطيه من ماله حيث رأى أن يعطيه لأنه له صلى الله عليه وسلم خالصا للتقوية بالعطية ولا نرى أن قد وضع من شرفه فإنه صلى الله عليه سلم قد أعطى من خمس الخمس النفل وغير النفل لأنه له وأعطى صفوان بن أمية ولم يسلم ولكنه أعاره أداة فقال فيه عند الهزيمة أحسن مما قال بعض من أسلم من أهل مكة عام الفتح وذلك أن الهزيمة كانت في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين أول النهار فقال له رجل غلبت هوازن وقتل محمد صلى الله عليه وسلم فقال صفوان بن أمية بفيك الحجر فوالله لرب من قريش أحب إلى من رب من هوازن ثم أسلم قومه من قريش وكان كأنه لا يشك في إسلامه والله تعالى أعلم (قال الشافعي) فإذا كان مثل هذا رأيت أن يعطى من سهم النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أحب إلى للاقتداء بأمره صلى الله عليه وسلم (ولو قال) قائل كان هذا السهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان له أن يضع سهمه حيث يرى فقد فعل هذا مرة وأعطى من سهمه بخيبر رجالا من المهاجرين والأنصار لأنه ماله يضعه حيث رأى ولا يعطى أحدا اليوم على هذا المعنى من الغنيمة ولم يبلغنا أن أحدا من خلفائه أعطى أحدا بعده ولو قيل ليس للمؤلفة في قسم الغنيمة سهم مع أهل السهمان كان مذهبا والله أعلم (قال) وللمؤلفة في قسم الصدقات سهم والذي أحفظ فيه من متقدم الخبر أن عدى بن حاتم جاء إلى أبى بكر الصديق أحسبه بثلاثمائة من الإبل من صدقات قومه فأعطاه أبو بكر منها ثلاثين بعيرا وأمره أن يلحق بخالد ابن الوليد بمن أطاعه من قومه فجاءه بزهاء ألف رجل وأبلى بلاء حسنا والذي يكاد يعرف القلب بالاستدلال
(١٥٦)