أما إذا تغير حال الوصي بجنون أو كفر أو سفه أو فسق زالت ولايته وصار كأنه لم يوص إليه، ويرجع الامر إلى الحاكم فيقيم أمينا ناظرا الميت في امره وامر أولاده من بعده كما لو لم يخلف وصيا أما إذا تغيرت حالته بعد الوصية وقبل الموت ثم عاد فكان عند الموت جامعا لشروط الوصية صحت الوصية إليه. لان الشروط موجودة حال العقد والموت فصحت الوصية كما لو لم تتغير حاله. هذا وجه ووجه آخر تبطل لان كل حالة منها حالة للقبول والرد فاعتبرت الشروط فيها. فاما ان زالت بعد الموت وانعزل ثم عاد فكمل الشروط لم تعد وصيته لأنها زالت فلا تعود الا بعقد جديد.
إذا ثبت هذا فإنه يجوز للرجل الوصية إلى اثنين. فمتى أوصى إليهما مطلقا لم يجز لواحد منهما الانفراد بالتصرف، فان مات أحدهما أو جن أو وجد منه ما يوجب عزله أقام الحاكم مقامه أمينا، لان الموصى لم يرض بنظر هذا الباقي منهما وحده، فان أراد الحاكم رد الباقي منهما فوجهان:
أحدهما: لا يجوز. والثاني: يجوز. لان النظر لو كان له لموت الموصى عن غير وصية كان له رده إلى واحد كذلك ههنا، فيكون ناظرا بالوصية من الموصى والأمانة من جهة الحاكم. ولنا ان الموصى لم يرض بتصرف هذا وحده فوجب ضم غيره إليه، لان الوصية مقدمة على نظر الحاكم واجتهاده.
فإن كانت الوصية بالاذن لكل واحد منهما ان يتصرف منفردا، فإذا مات أحدهما أو جن أو ارتد أو فسق جاز للاخر ان يتصرف ولا يقام مقام الاخر غيره لان تصرف الباقي منهما على حسب الاذن مستفاد منه، ولأنه رضى بنظر كل واحد منهما وحده، فلا سبيل إلى أقامه بديل لمن بطل عقده.
وان تغيرت حالهما جميعا بموت أو غيره فهل للحاكم ان ينصب مكانهما واحدا؟ فيه وجهان أحدهما له ذلك، لأنه لما عدم الوصيان صار الامر إلى الحاكم بمنزلة ما لم يوص، ولو لم يوص لاكتفى بواحد، كذا ههنا، ويفارق ما إذا كان أحدهما حيا لان الموصى بين انه لا يرضى بهذا وحده بخلاف ما إذا ماتا معا