وقال أبو حنيفة: من شرطه ذلك، فإذا أحضره وادعى حق الموكل على خصمه أو غريمه، وتوجه الجواب على المدعى عليه، فحينئذ يسمع الحاكم بينة الوكيل (1) فجوز سماع الدعوى قبل ثبوت الوكالة، وألزم الخصم الجواب، وجعل تقديم الدعوى شرطا في سماع البينة بناء منه على أصله، لأن عنده لا يلزم وكالة الحاضر إلا برضا الخصم، ولا يجوز القضاء على الغائب.
وهذا عندنا جائز على ما بيناه، لأنا لا نعتبر رضا الخصم، ويجوز القضاء على الغائب، وقد مضى الكلام في جواز وكالة الحاضر وإن لم يرض الخصم، وسيجئ الكلام في القضاء على الغائب في موضعه.
مسألة 3: إذا عزل الموكل وكيله عن الوكالة في غيبة من الوكيل، فلا صحابنا فيه روايتان:
إحداهما: أنه ينعزل في الحال وإن لم يعلم الوكيل، وكل تصرف يتصرف فيه الوكيل بعد ذلك يكون باطلا (2). وهو أحد قولي الشافعي، أو أحد وجهيه (3).
والثانية: أنه لا ينعزل حتى يعلم الوكيل ذلك، وكلما يتصرف فيه يكون واقعا موقعه إلى أن يعلم (4)، وهو قول الشافعي الآخر (5). وبه قال