ألا ترى أنا أجمعنا على أنه إذا قال: لفلان علي ألف درهم وديعة. قبل ذلك منه، فلو كان قوله: لفلان علي ألف. يقتضي الذمة، لوجب أن لا يقبل تفسيره بالوديعة، لأن أقر بألف ثم عقبه بما يسقطه، فلما أجمعنا على قبول تفسيره بذلك، دل ذلك على ما ذكرناه.
على أن حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض، بدلالة قوله تعالى:
" ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " (1) يعني: عندي. وقوله: " ولأصلبنكم في جذوع النخل " (2) يعني: على جدوع النخل. فيجوز أن يكون قوله: " علي " يريد به عندي.
وأما قول القائل: الألف التي على فلان علي. فإنما جعلناه ضمانا في الذمة، لأنه يقصد به إثبات المال في ذمته على نفسه، وذلك لا يثبت إلا على وجه الضمان، فكان ذلك دليلا على أنه قصد به الالتزام في الذمة، وليس في مسألتنا قرينة تدل على ذلك.
مسألة 20: إذا قال: لفلان علي قفيز، لا بل قفيزان، أو درهم، لا بل درهمان. لزمه قفيزان ودرهمان. وبه قال الشافعي (3).
وقال زفر وداود: يلزمه ثلاثة أقفزة وثلاثة دراهم (4).
دليلنا: أن قوله. (لا بل) للإضراب عن الأول، والاقتصار على الثاني، واستدراك للزيادة على الأول، فإن كان من جنسه لم يلزمه إلا ما استدركه.
كما لو قال: لفلان علي درهم لا بل أكثر، فإنه لا يلزمه إلا درهم بزيادة،