دليلنا: إن قبوله غير مطابق للإيجاب، وإن العقد يحتاج إلى دلالة، ولا دليل على ثبوت هذا العقد.
مسألة 59: إذا دفع قطعة إلى البقلي، أو إلى الشارب، وقال: أعطني بقلا أو ماء، فأعطاه، فإنه لا يكون بيعا، وكذلك سائر المحقرات، وإنما يكون إباحة، له أن يتصرف كل واحد منهما فيما أخذه، تصرفا مباحا من غير أن يكون ملكه.
وفائدة ذلك، أن البقلي إذا أراد أن يسترجع البقل، أو أراد صاحب القطعة أن يسترجع قطعته كان لهما ذلك، لأن الملك لم يحصل لهما. وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: يكون بيعا صحيحا وإن لم يوجد الإيجاب والقبول، قال ذلك في المحقرات دون غيرها (2).
دليلنا: إن العقد حكم شرعي، ولا دلالة في الشرع على وجوده ها هنا، فيجب أن لا يثبت. فأما الاستباحة بذلك فهو مجمع عليه، لا يختلف العلماء فيها.
مسألة 60: إذا اشترى، فبان له الغبن فيه، كان له الخيار إذا كان مما لم تجري العادة بمثله، إلا أن يكون عالما بذلك، فيكون العقد ماضيا، لا رجوع له فيه.
وقال أبو حنيفة والشافعي معا: ليس له الخيار، سواء كان الغبن قليلا أو كثيرا (3).