نطقا أو بشاهد الحال... " إلى أن قال:
"... فهل يملك المباح آخذه بالأخذ الذي هو بمنزلة الحيازة للمباح الأصلي من المالك الحقيقي؟
الأظهر نعم... للسيرة القطعية في الأعصار والأمصار على معاملته معاملة المملوك بالبيع والهبة والإرث وغيرها، بل هي كذلك في كل مال أعرض عنه صاحبه، فضلا عما أباحه مع ذلك، سيما إباحة التملك التي هي متحققة فيما نحن فيه " (1).
ثم قال في ذيل بحثه: " وكيف كان، فبناء على عدم الملك فلا ريب في أولويته بما يأخذه، فليس لغيره أخذه منه قهرا " (2).
وقال في مسألة الصيد بعد نقل الأقوال فيه، وبيان الفرق بين الإعراض والإباحة:
" نعم، قد يقال: إن صحيح ابن سنان (3) دال على كون الشئ بعد الإعراض عنه كالمباح الأصلي، وأظهر وجه الشبه فيه خروجه عن ملكه، وتملكه لمن يأخذه على وجه لا سبيل له عليه، (1) الجواهر 29: 52.
(2) المصدر المتقدم: 53.
(3) وهو ما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " من أصاب مالا أو بعيرا في فلاة من الأرض، قد كلت وقامت، وسيبها صاحبها مما لم يتبعه، فأخذها غيره، فأقام عليها، وأنفق نفقة حتى أحياها من الكلال ومن الموت، فهي له، ولا سبيل له عليها، وإنما هي مثل الشئ المباح ". الوسائل 25: 458، الباب 13 من أبواب اللقطة، الحديث 2.
بناء على أن المراد منه صيرورة البعير كالمباح باعتبار إعراض صاحبه عنه، فيكون حينئذ مثالا لكل ما كان كذلك، بل لعل قوله (عليه السلام): " إن أصاب مالا " منزل على ذلك، على معنى إن أصاب مالا غير البعير، ولكن هو كالبعير في الإعراض، مؤيدا ذلك بخبر السفينة... " (1).
وقال في ذيل خبر السفينة بعد نقل الأقوال والاحتمالات فيها:
" فالأولى أن يقال: ما علم إنشاء إباحة من المالك لكل من يريد أن يتملكه، كنثار العرس ونحوه يملكه الآخذ بالقبض أو بالتصرف الناقل أو المتلف أو مطلق التصرف - على الوجوه أو الأقوال المذكورة في المعاطاة بناء على أنها إباحة - وكذا ما جرت السيرة والطريقة على تملكه مما قام شاهد الحال بالإعراض عنه، كحطب المسافر ونحوه، أو ما كان كالمباحات الأصلية باندراس المالك، كأحجار القرى الدارسة.
وأما المال الذي امتنع على صاحبه تحصيله بسبب من الأسباب، كغرق أو حرق ونحوهما، فيشكل تملكه بالاستيلاء عليه، خصوصا مع العلم بعدم إعراض صاحبه عنه، على وجه يقتضي إنشاء إباحة منه لمن أراد تملكه أو رفع يده عن ملكيته، وإنما هو للعجز عن تحصيله، نحو المال الذي يأخذه قطاع الطريق والظلمة ونحوهم " (2).
(1) الجواهر 36: 208.
(2) الجواهر 40: 402.