تساوي الطرفين باعتبار العوارض اللاحقة له " (1).
لكن قال السيد العاملي: " وفيه نظر ظاهر، لأن المباح والمحرم والمكروه أيضا كذلك، فإن العين بذاتها لا تكون محرمة ولا مكروهة ولا مباحة، بل باعتبار ما يتعلق بها من فعل المكلف " (2).
ومثله قال صاحب الجواهر (3)، ثم ذكر توجيها آخر ورده.
وعلى أي تقدير، لما كان موضوع كلامنا هو الاكتساب بمعناه المصدري، وهو فعل المكلف، فلا إشكال في كونه محلا للأحكام الخمسة، فلذلك نشير إليها إجمالا فيما يلي:
أولا - الاكتساب الواجب:
الذي توصلنا إليه من خلال تفحص كلمات الفقهاء: أن الاكتساب إنما يجب إجمالا في موارد:
المورد الأول - تحصيل النفقة الواجبة لنفسه وزوجته ومن تجب عليه نفقته من الأقارب كالأولاد والوالدين.
قال الشيخ الطوسي في المبسوط بالنسبة إلى إنفاق الوالد على ولده: "... وإنما قلنا: إنه إذا كان قادرا على الكسب يلزمه أن يكتسب وينفق عليه، هو: أن القدرة على الكسب بمنزلة المال في يده، لما روي: أن رجلين أتيا النبي (صلى الله عليه وآله) فسألاه من الصدقة، فقال: " أعطيكما بعد أن أعلمكما أن لا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب "، فأجراه مجرى الغني في المنع من أخذ الزكاة " (1).
وقال العلامة في التذكرة: " إن التكسب واجب إذا احتاج إليه الإنسان لقوت نفسه وقوت عياله ممن تجب نفقته عليه ولا وجه له سواه " (2).
وقال في القواعد: " فمنه واجب، وهو: ما يحتاج الإنسان إليه لقوته وقوت عياله ولا وجه له سوى المتجر " (3)، أو سوى الاكتساب حيث إنه مورد بحثنا.
وعلق عليه المحقق الثاني بقوله: " كان عليه أن يدرج مطلق المؤنة: من قوت وكسوة وسكنى، وأن يبين: أن المراد بمؤنته: القدر الضروري في قوام بدنه، وأما قوت عياله فيراد به: ما يجب شرعا وإن زاد على قدر الضرورة، وأن يدرج فيه ما يدفع به حاجة المضطر مما يجب على الكفاية، وأن يدرج فيه أيضا مطلق التجارة التي بها يتحقق نظام النوع، فإن ذلك من الواجبات الكفائية وإن زاد على ما ذكرناه " (4).
وقال الشهيد الأول: " قد يجب التكسب إذا توقف تحصيل قوته وقوت عياله الواجبي النفقة عليه... " (5).