الواردة لبيان أصل التشريع مثل: * (أقيموا الصلاة) * (1) و * (آتوا الزكاة) * (2) ونحوهما - فلا يصح التمسك بإطلاق الكلام لنفي شرط أو قيد. بأن يقال:
* (أقيموا الصلاة) * مطلق فإن شككنا في اشتراط طهارة لباس المصلي أو مكانه فنتمسك بإطلاق الآية لنفي الشرطية، لأن الآية ليست في مقام بيان شروط وقيود المأمور به - أي الصلاة - كي يدل عدم ذكرها على إرادة الإطلاق، بل الآية في مقام بيان أصل التشريع، فهي أهملت ذكر القيود بالكلية.
وإن كان المتكلم في مقام الإهمال من جهة وفي مقام البيان من جهة أخرى، أمكن التمسك بالإطلاق من تلك الجهة التي يكون فيها في مقام البيان مثل قوله تعالى: * (فكلوا مما أمسكن عليكم) * (3)، فإن الآية واردة لبيان حلية ما يصطاده الكلب المعلم، وليست واردة لبيان طهارة محل عض الكلب ونجاسته، فلذلك لو شككنا في اشتراط كون العض في موضع الحلقوم في الحلية، جاز أن نتمسك بإطلاق الآية ونقول بعدم الاشتراط، لأن الآية كانت بصدد بيان هذه الجهة - أي الحلية - ولم تذكر هذا القيد. بخلاف ما لو شككنا في طهارة موضع العض، فلا يصح أن نتمسك بالآية لإثبات الطهارة، لعدم كون الآية بصدد بيان هذه الجهة.
وأما إذا كان المتكلم في مقام البيان من عدة جهات، فيجوز التمسك بإطلاق كلامه فيها جميعا.
ككثير من الروايات الواردة في بيان خصوصيات الواجبات والمحرمات ونحوهما.
هذا، وقال السيد الخوئي: إن المراد من كونه في مقام البيان، ليس كونه في مقام البيان من جميع الجهات، ضرورة أن مثل ذلك لم يتفق في الآيات والروايات، ولو اتفق لكان نادرا. بل المراد أن يلقي كلامه على نحو ينعقد له ظهور في الإطلاق، ويكون حجة على المخاطب على سبيل القاعدة (1).
وهذا الشرط اتفق عليه الجميع.
ما هي الوظيفة في صورة الشك؟
لو شككنا في أن المتكلم في مقام البيان أو لا؟
فالمعروف والمشهور بين الأصحاب هو: استقرار بناء العقلاء على حمل كلام المتكلم على كونه في مقام البيان، ولذلك قالوا: الأصل في كل كلام صادر عن متكلم هو كونه في مقام البيان (2).
ولكن خص السيد الخوئي ذلك بما إذا كان الشك في أصل كون المتكلم في مقام البيان، لا في الشك في سعته وضيقه كما في آية * (فكلوا مما أمسكن عليكم) * (3).