إعراض لغة:
راجع قسم الفقه.
اصطلاحا:
تقدم في قسم الفقه: أن الفقهاء استخدموا الإعراض بمعناه اللغوي في عدة موارد، وكان من جملتها إعراض المشهور عن الخبر، وقد أحلنا شرحه على الملحق الأصولي، ونزيد هنا:
أن المراد من إعراض المشهور عن الخبر هو:
أن يكون بمتناول أيدي الفقهاء خبر صحيح وتام من حيث الحجية، لكن لم يستند إليه الفقهاء في فتاويهم، ويعرضون عنه.
وهذا هو المراد من قولهم: " إعراض المشهور أو الأصحاب عن الخبر ".
هل الإعراض عن الخبر موجب لوهنه؟
المشهور بين الأصوليين والفقهاء: أن إعراض المشهور أو الأصحاب عن خبر موجب لوهنه وضعفه، بل قالوا: كلما ازداد الخبر صحة وقوة من حيث السند ازداد ضعفا ووهنا من حيث الاعتبار (1)، لأن إعراضهم عنه يكشف عن وجود خلل فيه، مثل كونه صادرا تقية مثلا، وإلا كانوا يستندون إليه.
وجذور هذه العقيدة أو القاعدة موجودة في كلمات المتقدمين وإن لم نعثر على تصريح منهم بلفظ القاعدة، وفيما يلي ننقل نماذج من كلماتهم التي تحتوي على مفاد القاعدة أو لفظها:
ذكر الشيخ المفيد - بعد أن قال: لا يجوز لأحد أن يصوم في السفر تطوعا إلا ثلاثة أيام في الحج لمن لا يجد الهدي -: " وقد روي حديث في جواز التطوع في السفر بالصيام، وجاءت أخبار بكراهية ذلك، وأنه ليس من البر الصوم في السفر، وهي أكثر، وعليها العمل عند فقهاء العصابة، فمن أخذ بالحديث لم يأثم إذا كان أخذه من جهة الاتباع، ومن عمل على أكثر الروايات واعتمد المشهور منها في اجتناب الصيام في السفر على كل وجه سوى ما عددناه، كان أولى بالحق، والله الموفق للصواب " (1).
فقد جعل عمل فقهاء الصحابة بتلك الروايات مرجحا لها، وموهنا للرواية المخالفة.
وقال السيد المرتضى ضمن بحثه عن عدم حجية خبر الآحاد: "... والرجوع إلى المعلوم المشهور أولى من غيره " (2).
وهو وإن كان ينكر أصل حجية خبر الواحد (3)، إلا أن هذا الكلام ينبئ عن ارتكاز