بين التخيير والتعيين الشرعي، كما في الخصال الثلاث، فإنه بمقتضى ما ذكرناه من البيان لابد من الاحتياط بالإتيان بما يحتمل وجوبه تعيينا... " (1).
ولكن اختار السيد الخوئي القول بالتخيير وعدم لزوم الاحتياط والقول بالتعيين، فإنه قال بعد تفنيد أدلة القول بالتعيين: " فتحصل من جميع ما ذكرناه في المقام: أنه لا وجه للقول بالتعيين في هذا القسم من دوران الأمر بين التعيين والتخيير، وأن المرجع هو البراءة عن وجوب الإتيان بخصوص ما يحتمل كونه واجبا تعيينا، فتكون النتيجة هي الحكم بالتخيير " (2).
وأما السيد الصدر، فقد ذكر المباني في تفسير الوجوب التخييري، وانتهى في أغلبها إلى القول بالبراءة، وفي واحد منها إلى القول بوجوب الاحتياط (3).
دوران الأمر بين الأقل والأكثر في المحصل الشرعي:
إذا كان المأمور به معلوما من جميع الجهات، لكن شك في ما يحققه هل هو العمل الذي يحتوي على عشرة أجزاء، أو على تسعة أجزاء. والمثال الذي ذكروه هو الطهارة من الحدث بمعناها العام، فإذا قلنا: إن الطهارة معنى بسيط يحصل بأحد أسبابها - الوضوء أو الغسل أو التيمم - ثم شككنا في ما يحقق الغسل، كما إذا شككنا مثلا في أن الذي يحققه هل هو غسل الرأس والرقبة ثم جميع البدن، أو غسل الرأس والرقبة ثم غسل الطرف الأيمن من البدن ثم غسل الطرف الأيسر؟
وبعبارة أخرى: هل يشترط الترتيب بين غسل الأيمن والأيسر من البدن لحصول الطهارة الحاصلة من الغسل أو لا؟
فيدور الأمر بين الأقل وهو الغسل الفاقد للترتيب بين الأيمن والأيسر، والأكثر وهو الغسل الواجد له.
والسؤال هو: هل تجري أصالة البراءة عن الأكثر، أي لزوم الترتيب أم يجري الاشتغال؟
المشهور: أن الأصل الجاري في هذا المورد هو أصالة الاشتغال (1)، فينبغي العمل بالأكثر وملاحظة الترتيب ليحصل ما هو مطلوب الآمر.
ونقل عن الميرزا الشيرازي الأول القول بالبراءة (2).
ولبعضهم تفصيلات أخرى تراجع فيها المطولات (3).