أ - إطعام المسلم المكلف على نحو الإجبار أو الإكراه (1):
صرح جملة من الفقهاء - الذين تعرضوا لهذا الموضوع - بالحرمة في هذه الصورة، لأن المستفاد من الأدلة حرمة التسبيب إلى الحرام، وإلقاء الآخرين فيه، وتغريرهم بارتكابه، فالإكراه عليه حرام بطريق أولى، وممن صرح بذلك الشيخ الأنصاري، والسيدان: الخوئي والخميني.
قال الشيخ الأنصاري بالنسبة إلى حرمة أصل التغرير: " ويشير إلى هذه القاعدة كثير من الأخبار المتفرقة الدالة على حرمة تغرير الجاهل بالحكم أو الموضوع في المحرمات " (2).
وقال في خصوص الإكراه: " والحاصل أن هنا أمورا أربعة: أحدها: أن يكون فعل الشخص علة تامة لوقوع الحرام في الخارج - كما إذا أكره غيره على المحرم - ولا إشكال في حرمته وكون وزر الحرام عليه، بل أشد، لظلمه " (3).
وقال السيد الخوئي: "... فإنه يستفاد من مذاق الشارع حرمة إلقاء الغير في الحرام الواقعي " (1).
وقال أيضا: " إن المستفاد من إطلاقات أدلة المحرمات الموجهة إلى المكلفين حسب المتفاهم العرفي: أن انتساب الأفعال المحرمة إلى موجديها مبغوض مطلقا، سواء كانت النسبة مباشرية أو تسبيبية " (2).
وقال الإمام الخميني في خصوص الإكراه ونحوه ما حاصله: أن العناوين العذرية - كالإكراه والاضطرار ونحوهما - إنما هي مأخوذة على نحو الإطلاق، بمعنى أن جعل شخص مكرها أو مضطرا حرام، سواء كان من قبل الشخص نفسه - أي المباشر - أو من قبل غيره (3).
ولكن في مقابل هذا رأي آخر، وحاصله: أن المحرمات إنما يحرم وجودها من خصوص مباشريها، أما من المسبب فلا دليل عليه.
وقد تبنى السيد الحكيم هذا الرأي، فقال:
" لا دليل على تحريم التسبيب كلية " (4).
ثم فرق بين التسبيب في باب الضمان - حيث يكون الضمان على المسبب فيما لو كان أقوى من المباشر - وبين غيره، ثم قال: "... بخلاف شرب (1) مصباح الفقاهة 1: 115.
(2) التنقيح (الطهارة) 2: 333.
(3) المكاسب المحرمة (للإمام الخميني) 1: 141 - 142.
(4) المستمسك 1: 218.