بمثل الزراعة والرعي مما ندب إليه الشرع، وللواجب بالصناعة الواجبة كفاية، خصوصا إذا تعذر قيام الغير به، فتأمل " (1).
أقول: إن أغلب الذين ذكروا التقسيم الثلاثي - بحذف الواجب والمستحب - إنما جعلوا محل البحث التجارة كما تقدم، والذين جعلوه خماسيا جعلوا محل البحث الاكتساب، وذكروا له أمثلة كما تقدم.
والظاهر: أن مورد نظر الشيخ الأنصاري إنما هو وجوب الاكتساب لنفسه، ومثاله وجوب بعض الصناعات كفاية كما قال، وما تقدم ويأتي من الموارد التي ذكرناها للوجوب إنما هي وجوب الاكتساب لغيره، فلا منافاة لما قاله مع ما تقدم.
ومثله يأتي بالنسبة إلى الاكتساب المستحب.
المورد الثاني - أداء الدين، بناء على أحد القولين، وفي مقابله القول بعدم وجوب التكسب، وقيل: إنه المشهور (2).
وقد تقدم الكلام عن ذلك إجمالا في عنوان " إعسار ".
المورد الثالث - أداء الواجبات المستقرة في ذمة المكلف والتي يحتاج إتيانها إلى المال، كما يظهر من عبارات النراقي والعاملي ونحوهما.
ثانيا - الاكتساب المندوب:
وهو الاكتساب بقصد التمكن من الإتيان بالأمور المندوبة التي يتوقف إتيانها على المال، مثل التوسعة على العيال، والإنفاقات المندوبة، والحج المندوب، والزيارات المندوبة ونحوها (1)، فالاكتساب بقصد هذه الأمور من الاكتساب المندوب وإن اقتصر كثير من الفقهاء على الاكتفاء بذكر التوسعة على العيال، ولعله للتنصيص عليه، فقد ورد صحيحا عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال:
" الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله " (2).
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال:
" ملعون، ملعون من يضيع من يعول " (3).
وعن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " إن في حكمة آل داود: ينبغي للمسلم العاقل أن لا يرى ظاعنا إلا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو تزود لمعاد، أو لذة في غير ذات محرم " (4).
والروايات الواردة في استحباب التجارة (5)