صاحب الصيد إذا أطلقه ناويا زوال ملكه عنه، بعد أن نسب هذا القول إلى الشيخ (1).
أقول يظهر من عبارته: أن ذلك لأجل أن الملكية الحاصلة بالصيد إنما هي بوضع اليد وقد زالت اليد فتزول بتبعها الملكية.
وأما صاحب الحدائق، فقد قال في بحثه عن جواز أكل ما ينثر في الأعراس بعد أن اختار عدم الجواز إلا إذا أعطي بخصوصه:
" فهل يملكه بمجرد ذلك أم لا؟ المشهور بينهم الثاني "، أي عدم الملك.
ثم قال: " والذي اخترناه في بعض المباحث المتقدمة في جلد المعاملات هو الأول، وأنه يملكه بمجرد الأخذ. ومن ذلك الهدايا ونحوها " (2).
لكن قال في مسألة ما لو حمل السيل حبا لشخص فأنبته في أرض شخص آخر ونما، بعد أن نقل الأقوال في ملكية هذا الزرع:
" لو أعرض المالك عنه وإن كان كثيرا فإنه يتخير صاحب الأرض بين قلعه وبين تملكه، ويكون من قبيل السنبل والثمار التي يعرض عنها ملاكها إلا أن للمالك الرجوع فيها ما دامت العين باقية " (3).
وقال بالنسبة إلى تراب الصاغة: " تراب الصاغة إن علم بالقرائن المفيدة لذلك إعراض أصحابه عنه جاز للصائغ تملكه كغيره مما يعلم إعراض ملاكه عنه، وفي الاكتفاء بالظن إشكال... " (1).
والمفهوم من مجموع كلامه: أن الإعراض لا يزيل الملكية، نعم يملك المال المعرض عنه من وضع يده عليه، إلا أن المالك له الرجوع وأخذ ماله إذا كانت العين باقية. وأما مناقشته لجواز تملك نثار العرس فإنما هو للدليل الخاص عنده، وهو النص.
وقال صاحب مفتاح الكرامة في تراب الصاغة: " تراب الصاغة إن علم بالقرائن المفيدة لذلك إعراض أصحابه عنه، جاز للصائغ تملكه كغيره مما يعلم الإعراض عنه كحطب المسافر، وفي الاكتفاء بالظن إشكال " (2).
وقال النراقي بالنسبة إلى الصيد: "... وإن أعرض عنه ونوى بإطلاقه قطع ملكيته عنه، فالأكثر - كما صرح به بعض من تأخر - على بقاء ملكيته له أيضا، لأن زوال الملكية يحتاج إلى دليل شرعي ولم يثبت كون الإعراض منه... نعم، غايته جواز تصرف الغير فيه لإعراضه، بل تأمل فيه بعضهم أيضا، سيما إذا كان بالتصرف الناقل " (3).
وكلامه صريح في عدم زوال الملكية بالإعراض، وظاهر في جواز تصرف الغير فيه.
وقال صاحب الجواهر في نثار العرس:
"... لا يجوز أخذه على وجه النقل إلا بإذن أربابه (1) الحدائق 19: 311.
(2) مفتاح الكرامة 4: 408.
(3) مستند الشيعة 15: 372 - 373.