أكل ما ينثر في الأعراس:
ذكرنا كلام جملة من الفقهاء مما يناسب هذا الموضوع في عنوان " إعراض "، لكن بالمقدار الذي كان يلائم بحث الإعراض، والآن نتكلم عنه بما هو موضوع في حد ذاته، فنقول:
إن الكلام عن النثر في الأعراس يتألف من أربع مراحل:
المرحلة الأولى - البحث عن حكم أصل النثر في حد ذاته:
ظاهر كلمات الفقهاء: أن القول بجواز النثر - أي بمعناه المصدري والحدثي - أمر مفروغ منه، لكن لم يتجاوزوا ذلك، فلم يحكموا بوجوبه أو استحبابه أو كراهته.
وتدل على جوازه السيرة الجارية والمستمرة، مضافا إلى ما ورد عن الإمام علي (عليه السلام):
" لا بأس بنثر الجوز والسكر " (1)، بناء على تفسير النثر بمعناه الحدثي والمصدري، لا بمعنى المنثور.
المرحلة الثانية - البحث عن حكم الأكل منه:
المعروف بين الفقهاء والمشهور بينهم هو:
أنه يجوز أكل نثار الأعراس والأملاك ونحوهما.
وقيد بعضهم الجواز بما إذا علم بإذن صاحب المال بالأكل إما صريحا أو بشاهد الحال. ولكن لم يذكر بعض آخر هذا القيد للأكل وإنما ذكره للأخذ - كما سيأتي توضيحه في المرحلة الثالثة - إلا أن يقال: إن المراد بالأخذ هو الأعم من الأخذ للأكل في المحل أو في الخارج، ولذلك عبر بعضهم بالأكل وبعض آخر بالأخذ.
أو يقال: إن شاهد الحال يدل على إباحة الأكل في المكان غالبا، ولذلك لا حاجة إلى ذكره دون الأخذ لا للأكل هناك (1).
ومن جهة أخرى صرح بعضهم بكراهة الأخذ والأكل إذا كان على نحو الاختطاف والانتهاب، وأما إذا لم يكن كذلك فلا كراهة، كما إذا نثر على الجالسين، فأكل كل منهم ما وقع في حجره.
هذا كله إذا لم يعلم كراهة صاحب المال لأكل النثار، وأما إذا علم ذلك فلا يجوز، لأنه أكل لمال الغير من دون إذنه، وهو قبيح عقلا وشرعا.
وإن جهل الأمران - أي الإباحة والكراهة - قال العلامة في المنتهى: " كان حراما، عملا بالأصل الدال على عصمة مال الغير وعدم جواز التصرف فيه بدون إذنه " (2).
لكن قال في التذكرة: " الأولى الكراهة " (3).
كلمات الفقهاء في أكل النثار:
وإليك نماذج من كلمات الفقهاء بالنسبة إلى أكل النثار أو أخذه بناء على تفسيره بمعناه الأعم