أبا جعفر (عليه السلام) يقول: يحشر العبد يوم القيامة وما ندى (1) دما، فيدفع إليه شبه المحجمة (2)، أو فوق ذلك، فيقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول:
يا رب إنك لتعلم أنك قبضتني وما سفكت دما، فيقول: بلى، سمعت من فلان رواية كذا وكذا، فرويتها عليه، فنقلت حتى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها. وهذا سهمك من دمه " (3).
ج - وعن عبد الله بن سنان، قال: " قلت له:
عورة المؤمن على المؤمن حرام؟ قال: نعم. قلت:
تعني سفلييه؟ قال: ليس حيث تذهب، إنما هي إذاعة سره " (4).
د - وعن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه، لا تذموا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله تعالى عورته يفضحه ولو في بيته " (5).
والروايات بهذه المضامين كثيرة جدا. إضافة إلى الروايات الواردة في الغيبة والنميمة، لأن الغيبة قد تتضمن إفشاء السر، كما أن حقيقة النميمة هي:
إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه (1).
ما هو المراد من السر؟
المراد من السر في هذه الموارد ما لا يرضى صاحبه بكشفه وإظهاره، سواء كان قولا، أو فعلا، أو حالة. وسواء كان السر بين اثنين أو أكثر.
ويدخل ضمن هذا الإطار المستشارون بجميع رتبهم وأعمالهم ومن لهم - بحسب مهنتهم - اطلاع على أسرار الناس المالية والجسمية والروحية، كالعلماء لكثرة رجوع الناس إليهم وطرح مشاكلهم لهم، والأطباء، والقضاة، وموظفي البنوك ودوائر الأحوال الشخصية، ونحوهم.
3 - إفشاء الفاحشة:
إنما تقع الفاحشة في المجتمع الإسلامي الملتزم بظواهر الإسلام سرا، فلذلك لا يجوز إظهار الفاحشة وإفشاؤها حتى من قبل فاعلها، كما تقدم توضيحه في العنوانين: " استتار " و " إسرار "، وقد ورد النهي عن ذلك في الكتاب والسنة:
أما الكتاب، ففي قوله تعالى: * (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم) * (2).