لزوم العلم بالإقامة:
إنما ينقطع السفر - حكما أو موضوعا - في صورة القطع بالإقامة في ذلك المحل. نعم لا ينافيه وجود الاحتمالات البعيدة التي لا يهتم بها العرف.
وبناء على ذلك، فلو تردد في الإقامة لم تترتب عليه أحكامها.
نعم، لو بقي مترددا ثلاثين يوما (1) أتم في اليوم الحادي والثلاثين وإن لم يبق فيه إلا بمقدار صلاة واحدة.
والحكم مجمع عليه بين الأصحاب، على ما قاله صاحب المدارك (2)، وتدل على ذلك أيضا صحيحة زرارة المتقدمة، وصحيحة معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " إذا دخلت بلدا وأنت تريد المقام عشرة أيام فأتم الصلاة حين تقدم، وإن أردت المقام دون العشرة فقصر، وإن أقمت تقول:
غدا أخرج وبعد غد ولم تجمع على عشرة، فقصر ما بينك وبين شهر، فإذا تم الشهر فأتم الصلاة... " (3).
ولو نوى الإقامة ثم بدا له قبل أن يصلي فرضا رباعيا، رجع عن إقامته إلى التقصير.
وأما إذا صلى صلاة رباعية واحدة بنية الإقامة، لم يرجع.
وهذا الحكم مجمع عليه أيضا على ما في المدارك (1).
اشتراط قصد التوالي في نية الإقامة:
يشترط في نية الإقامة أن ينوي عشرة أيام متوالية، فلو نوى الخروج من محل إقامته بالمقدار الذي يخل بإقامته عرفا لم تنعقد.
وهذا المقدار مما لا كلام فيه ظاهرا، لتوقف صدق الإقامة عشرة أيام على ذلك.
نعم، اختلفوا في تحديد ما يخل بالإقامة عرفا، وقد ذكرت عدة تحديدات لذلك، وهي:
الأول - أن المخل هو الخروج عن البلد إلى أن يصل إلى المسافة الشرعية للقصر - وهي أربعة فراسخ - فما فوقها، فإذا لم ينته إلى هذا المقدار لم يكن مخلا بالإقامة لو رجع ليومه وليلته.
فبناء على هذا التفسير، لو نوى حين نية الإقامة الخروج إلى ما دون المسافة تكون إقامته صحيحة.
وهذا التحديد أو التفسير منسوب إلى فخر الدين ولد العلامة الحلي (2)، ونسبه صاحب الجواهر