ولما كان الإقرار بالمال تصرفا ماليا، فلذلك منع منه شرعا.
أما إقراره في غير ذلك فلا مانع منه. قال الشيخ الطوسي: "... فأما المحجور عليه للسفه، فإن إقراره في ماله لا يصح، وإن أقر على نفسه بحد قبل " (1).
وكما لا يلزم بإقراره حال السفه، كذا لا يلزم بعد رفع الحجر عنه بما أقر به حال الحجر والسفه.
قال الشهيد الثاني: " وإذا فك الحجر عنه لا يلزمه ما أقر به من المال، هذا بحسب الظاهر، وأما فيما بينه وبين الله تعالى، فيلزمه التخلص مما لزمه منه " (2).
هذا واستشكل صاحب الجواهر في عدم نفوذ إقراره بعد رفع الحجر عنه، لأن عموم " إقرار العقلاء... " يشمله وإنما خصص العموم في السفيه بمقدار تعجيل الأخذ بإقراره، بمعنى أنه لا يؤخذ بإقراره حال السفه ولم يخصص العموم بالنسبة إلى الأخذ بإقراره بعد رفع الحجر عنه.
وبعبارة أخرى: السفيه محجور عليه في ماله لا في ذمته، فتكون ذمته مشغولة بما أقر به ويؤخذ به بعد رفع الحجر عنه.
ثم نقل عن الأردبيلي ما يؤيد كلامه (1).
ولو أقر بما يشتمل على المال وغيره رد في المال وقبل في غيره، كما لو أقر بالسرقة، فيؤخذ بإقراره في الحد ويرد في المال.
وقد صرح الفقهاء بذلك من زمن الشيخ الطوسي إلى عصرنا الحاضر (2)، إلا أن المحقق الأردبيلي استشكل في هذا التفكيك (3).
لكن دفع الإشكال: بأن مثل ذلك واقع في الفقه ولا مانع منه، كما لو شهد رجل وامرأتان بالسرقة، فتقبل الشهادة في خصوص المال دون قطع اليد، أو أقر من اجتمعت فيه شروط الإقرار بالسرقة مرة واحدة، فيقبل إقراره في المال دون الحد (4).
2 - إقرار المحجور عليه للفلس:
إقرار المفلس - وهو المحجور عليه في أمواله لعجزه عن وفاء دينه - على أنحاء، لأن إقراره إما أن يتعلق ببدنه، كالإقرار بما يوجب حدا أو قصاصا، أو يتعلق بالمال. والثاني إما أن يكون دينا في الذمة