الواقع - تارة تفيد القطع بمؤداها، وتارة تفيد الاطمئنان، وتارة تفيد الظن.
فإن أفادت القطع، فلا يحتمل في مقابله الخلاف، فلذلك تكون درجة الوثوق فيه عالية جدا.
وإن أفادت الاطمئنان، فيحتمل في مقابله الخلاف، ولكن مقدار هذا الخلاف ضئيل جدا، فلذلك تكون درجة الوثوق فيه عالية، ولكن أقل من القطع.
وإن أفادت الظن، فيحتمل في مقابله الخلاف، ومقدار هذا الخلاف مقدار يعتنى به، وهو أكثر من الخلاف المحتمل في الاطمئنان، فلذلك تكون درجة الوثوق فيه أقل من الاطمئنان (1).
حجية الاطمئنان:
الظاهر أنه لا شبهة في حجية الاطمئنان، وقد أرسل الفقهاء والأصوليون حجيته إرسال المسلمات.
وإنما الكلام في منشأ حجيته: هل هي ذاتية وبحكم العقل كالقطع، أو جعلية وببناء العقلاء، كالظن؟
فإن قلنا: إن حجية الاطمئنان ذاتية كالقطع، فلا نكون بحاجة إلى الاستدلال على حجيته.
وإن قلنا: إن حجيته جعلية كالظن، فنحن مطالبون بما يثبت هذه الحجية، فنقول:
الدليل المثبت لحجية الاطمئنان هو السيرة العقلائية القائمة على العمل بالاطمئنان والاحتجاج به فيما بينهم، ولم يردع الشارع عن هذه السيرة، فتكون حجة.
ولا بد من حصول القطع بركني الدليل المتقدم، وهما: قيام السيرة، وعدم الردع، ولا يكفي الاطمئنان بذلك، لأنه يكون من الاستدلال على الاطمئنان بالاطمئنان (1).
ما يترتب على الاطمئنان من الآثار:
إذا قلنا بحجية الاطمئنان كما هو المشهور، فيترتب عليها ما يترتب على سائر الحجج، مثل المنجزية والمعذرية.
هذا إذا اخذ طريقا إلى الحكم، كما في أغلب الموارد.
ويجوز أخذه موضوعا أو جزءا من الموضوع أيضا كالقطع، كما إذا قال الناذر: " لله علي أن أتصدق بدينار إذا اطمأننت بحياة زيد "، حيث يكون الاطمئنان بحياة زيد موضوعا لوجوب التصدق.
مظان البحث:
لم يبحث عن الموضوع في موضع معين، لكن يمكن استفادة أبحاثه من أبحاث القطع والظن وتضاعيف كلمات الأصوليين والفقهاء في سائر الموارد، نعم تطرق إليه السيد الصدر بصورة مستقلة.