مثل زيد بذاته وبأعراضه، كلونه وطوله وكونه في مكان أو زمان، ونحو ذلك...
الثاني - الموجود الانتزاعي في العين، وهو الذي لا وجود له بالذات خارجا، وإنما الموجود منشأ انتزاعه، مثل أبوة زيد لابنه، فالأبوة بنفسها غير موجودة في الخارج وإنما الموجود هو منشأ انتزاعها، أي زيد وابنه، والعقل ينتزع من النسبة الموجودة بينهما عنوان " الأبوة ". ومثلها " الفوقية " و " التحتية " و " القبلية " و " البعدية " ونحوها.
الثالث - الموجود المتأصل في عالم الاعتبار، كالوجوب، والحرمة، والملكية، والزوجية، ونحوها.
فإن هذه الأمور لا وجود لها خارجا، نعم هي موجودة في عالم الاعتبار، كاعتبار الشارع وجوب الصلاة وحرمة شرب الخمر، واعتباره الحيازة والإرث والبيع أسبابا للملكية مثلا، ونحو ذلك، فإن هذه لها واقع في عالم الاعتبار.
الرابع - الموجود الانتزاعي في عالم الاعتبار، مثل سببية الحيازة والإرث والبيع للملك مثلا، فإن الموجود في عالم الاعتبار إنما هو نفس الملكية، وأما سببية الأمور المذكورة لها فلا وجود لها، وإنما ينتزعها العقل من جعل الشارع هذه الأمور أسبابا للملكية.
وقد ظهر مما تقدم:
1 - أن الفارق بين الأمور الاعتبارية والانتزاعية هو: أن الاعتبارية لها نحو تقرر ووجود في وعاء الاعتبار بخلاف الانتزاعية، فإنه ليس لها وجود متأصل، بل الوجود إنما هو لمنشأ انتزاعها الذي ينتزع منها العنوان الانتزاعي سواء كان موجودا في عالم العين أو الاعتبار.
2 - أن الأمور الاعتبارية بحاجة إلى وجود معتبر ولاحظ - كالشارع المقدس أو العرف - وأما الأمور الانتزاعية فهي بحاجة إلى منشأ انتزاعها.
3 - أن المعتبر قد يكون هو الشارع، فيكون الاعتبار شرعيا كالأحكام التكليفية الخمسة، وقد يكون هو العرف العام فيكون الاعتبار عرفيا، كاعتبار القيام احتراما للقادم. وقد يكون هو العرف الخاص، كاعتبار الفقهاء وأهل الحديث عنوان " الصحيح " للرواية التي يكون جميع رواتها عدولا إماميين.
4 - أن الأحكام الشرعية كلها أمور اعتبارية سواء كانت اعتبارية متأصلة مثل الأحكام الخمسة، أو انتزاعية، مثل الجزئية والشرطية والسببية ونحوها (1).
الحديث المعتبر من أوصاف الحديث كونه معتبرا، فيقال له:
الحديث المعتبر. قال عنه المامقاني:
" وهو - على ما صرح به جمع -: ما عمل