إقامة الحد عليه والعفو عنه. لكن خص ابن إدريس ذلك بالإقرار بما يوجب الرجم، أما الحد فلا يجوز العفو عنه، فقال: " ومن أقر على نفسه بحد ثم أنكر ذلك لم يلتفت إلى إنكاره إلا الرجم، فإنه إذا أقر بما يوجب عليه الحد بالرجم ثم جحد ذلك قبل أن يرجم خلي سبيله، ولا يكون الإمام هاهنا مخيرا في تخلية سبيله بل يجب عليه ذلك، فأما إذا لم يجحد كان الإمام بالخيار في إقامة الحد عليه أو تخليته على ما يراه من المصلحة في الحال له وللأمة، بشرط إظهاره التوبة بعد الإقرار عند الإمام، فأما إذا لم يتب فلا يجوز للإمام تخليته ولا يكون مخيرا " (1).
وهل الحكم مختص بإمام الأصل - أي المعصوم (عليه السلام) - أو يشمل نائبه أيضا؟
قال الفاضل الإصفهاني: " ثم الأصحاب قصروا التخير على الإمام، فليس لغيره من الحكام " (2).
وقال صاحب الجواهر: " ظاهر النص والفتوى قصر الحكم على الإمام (عليه السلام)، وربما احتمل ثبوته لغيره من الحكام، ولا ريب في أن الأحوط الأول، لعدم لزوم العفو، لكن قد يقوى الإلحاق، لظهور الأدلة في التخيير الحكمي الشامل للإمام (عليه السلام) ونائبه الذي يقتضي نصبه إياه أن يكون له ما له " (3).
فإذا ثبتت الولاية العامة للفقيه - وهو الذي أشار إليه بقوله: " أن يكون له ما له " - فيثبت له هذا التخير أيضا، لعدم ما يدل على الاختصاص.
ويؤيد ذلك خلو أكثر عبارات الأصحاب من تعيين الإمام بكونه إمام الأصل (1).
ما هو المراد من الحد؟
المراد من الحد الذي يسقط بالتوبة بعد الإقرار هو الحد المترتب على حقوق الله الخالصة، كالزنا واللواط والمساحقة والقيادة وشرب المسكر والارتداد ونحوها.
أما الحد المترتب على حقوق الناس فلا يسقط بالتوبة، كالقذف، فإنه لا يسقط إلا بتصديق المقذوف، أو إقامة البينة على ما ادعاه من القذف، أو عفو المقذوف أو اللعان (2).
وأما حد السرقة، ففيه أقوال:
الأول - سقوط الحد كما في غيره من الحدود.
صرح بهذا الرأي العلامة في المختلف (3)،