الإعلام إنما هو لأجل ألا يقع الغير في الحرام، وهو استعمال الدهن المتنجس في الأكل، لا أنه شرط لصحة البيع، ولذلك يصح البيع حتى في صورة عدم الإعلام أيضا، وإن كان في ذلك مخالفة للأمر بالإعلام.
وبناء على ذلك، فلو علم البائع أن المشتري لا يستعمل النجس في الأكل، بل يستعمله لغرض آخر كالاستصباح لم يجب عليه الإعلام.
هل يختص وجوب الإعلام ببيع الدهن المتنجس أم يشمل غيره؟
الظاهر من مجموع كلمات الفقهاء هنا وفي العجين الذي عجن بماء نجس أن المسألة مبنائية، أي تبتني على جواز بيع ذلك المتنجس وعدمه، فكل ما قيل بجواز بيعه من المتنجسات، يقال بوجوب إعلام المشتري بنجاسته.
هل يختص وجوب الإعلام بالبيع أم يشمل غيره أيضا؟
كلمات أغلب الفقهاء خالية من ذلك، نعم قال العلامة: " ويجوز هبة الدهن النجس والصدقة به والوصية به " (1)، ولم يذكر وجوب الإعلام.
لكن قال السيد اليزدي: " كما يحرم الأكل والشرب للشئ النجس، كذا يحرم التسبيب لأكل الغير أو شربه، وكذا التسبب لاستعماله فيما يشترط فيه الطهارة، فلو باع أو أعار شيئا نجسا قابلا للتطهير يجب الإعلام بنجاسته " (1).
فإنه بنى المسألة على حرمة التسبيب والتسبب إلى الحرام، وكل ما صدق عليه هذا العنوان فهو حرام سواء كان بسبب البيع أو الإعارة، أو رد العارية، أو الهبة أو غيرها، فلذلك نرى من اللازم التعرض لهذه المسألة التي أثارها الشيخ الأنصاري، فنقول:
بعد أن اختار الشيخ الأنصاري وجوب إعلام نجاسة الدهن للمشتري، حاول أن يقسم التسبيب إلى الحرام أقساما يحرم بعضها دون الآخر، وتلك الأقسام هي:
الأول - أن يكون فعل الشخص علة تامة لوقوع الحرام من شخص آخر، كما إذا أكره غيره على الحرام.
وهذا حرام بلا إشكال.
الثاني - أن يكون فعله سببا للحرام، كمن قدم إلى غيره محرما، ومنه بيع النجس للغير مع عدم إعلامه بنجاسته (2).