والشهيد الأول (1). قال العلامة في التذكرة:
" يشترط في الإقرار والحكم بصحته عدم تكذيب المقر له للمقر، وعدم إنكاره لما أقر له به ".
وقال الشهيد: " الثاني - أن لا يكذب المقر له، فلو أكذبه لم يعط ".
فإذا أنكر المقر له لم يعط كما قال الشهيد، بل يكون الحاكم الشرعي مخيرا بين إبقاء المال في يد المقر أو أخذه منه، كما تقدم في الشرط الثاني.
واستشكل صاحب الجواهر في هذا الشرط أيضا، لأنه ليس شرطا في صحة الإقرار نفسه، بل في نفوذه في حق المقر له، إذ الإقرار على نفسه قد تم وخرج المال من ملكه بسبب الإقرار. نعم يبقى مالكه مجهولا، فيكون أمره بيد الحاكم الشرعي (2).
هذا، وذكر الشهيد في الدروس من جملة الشروط كون المالك ممن يملك الشئ المقر به (3).
ولكن هذا من جملة شروط المقر به كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
الركن الثالث - المقر به (4):
وهو الشئ الذي أقر به المقر للمقر له.
والمقر به: إما مال، أو حق، أو نسب.
والحق: إما حق للناس، أو حق لله، أو مشترك.
وسوف يأتي الكلام عن كل واحد بصورة مستقلة.
الإقرار بالمال:
ذكر الشهيد الأول شروطا أربعة للمقر به، واقتصر العلامة على ذكر بعضها، ويمكن استخراجها من كلمات فقهاء آخرين. ومورد البحث ما إذا كان المقر به مالا، كما تقدم.
والشروط التي ذكرها الشهيد هي:
أولا - أن يكون مما يملك شرعا:
فلو أقر بما ليس قابلا للملك لم يصح إقراره، كما لو أقر بكلب الهراش، أو الخمر أو جلد الميتة أنه للغير، للإجماع المدعى على عدم تملك المسلم لهذه الأمور فلا يقبل إقراره فيها أيضا.
وهناك رأي آخر يقول بصحة الإقرار، لأن هذه الأشياء يمكن أن يثبت للمسلم حق الاختصاص بها وإن لم يملكها، فيجوز الإقرار بها للغير بهذا الاعتبار.
وبالجملة: فالمدار إثبات حق الاختصاص في هذه الموارد وعدمه.
وبناء على ذلك، لو أقر بحبة حنطة أو قشر جوزة فيكون إقراره صحيحا، لأن هذه تدخل في ملك الإنسان وإن لم تعد مالا، وللإنسان حق الاختصاص بها على الأقل.