ثالثا - الكلام:
في بحث النبوة والإمامة والتسليم للنبي والإمام.
إطاقة لغة:
القدرة على الشئ (1)، وقيل: هي اسم لمقدار ما يمكن أن يفعله الإنسان بمشقة (2)، ولذلك فرق بين القدرة والطاقة ب: " أن الطاقة غاية مقدرة القادر واستفراغ وسعه في المقدور، يقال: هذا طاقتي، أي قدر إمكاني، ولا يقال لله تعالى: مطيق، لذلك " (3).
اصطلاحا:
الظاهر من النصوص وكلمات الفقهاء: أن الإطاقة استعملت غالبا بمعنى القدرة، إلا في بعض الموارد وعلى بعض الاحتمالات، فإنها استعملت فيها بمعنى غاية الوسع والقدرة، ومن تلك الموارد:
قوله تعالى: * (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) * (4).
فقد ذكر المفسرون عدة أقوال في تفسير * (يطيقونه) *:
الأول - أن الآية نزلت في أول تشريع الصوم، حيث كان المسلمون القادرون على الصوم مخيرين بين الصوم وتركه مع الفدية، ثم نسخت.
الثاني - أن المراد من ذلك هم: الحامل والمرضع والشيخ الفاني، ثم نسخ من الآية الحامل والمرضع وبقي الشيخ الكبير.
الثالث - أن المراد: هم الذين كانوا يطيقون الصوم ثم صاروا لا يطيقونه، وهم: من أصابه الكبر أو عطاش أو شبه ذلك.
ذكر الطبرسي هذه الأقوال الثلاثة، ثم قال بالنسبة إلى الثالث: " وقد رواه بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) " (1).
أقول: لعل مقصوده من ذلك ما رواه ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير الآية، قال: " الذين كانوا يطيقون الصوم فأصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك... " (2)، لكن هناك رواية صحيحة يظهر منها أن هذا العنوان - أي " يطيقونه " - منطبق على الشيخ ونحوه فعلا، لا بمعنى أنهم كانوا يطيقونه، وهي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في تفسير الآية، قال:
" الشيخ الكبير والذي يأخذه العطاش " (3).
(1) مجمع البيان (1 - 2): 274.
(2) الوسائل 10: 211، الباب 15 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 6.
(3) المصدر المتقدم: الحديث 3، وانظر تفسير العياشي 1: 98، الحديث 180.