ثم جعل موارد إباحة التمليك من المالك أو إذنه فيه خارجا عن البحث.
وعلى أية حالة لم نحرز ما هو مبناه في المقام الأول: فهل الإعراض مزيل للملك مطلقا - كما هو الظاهر من صدر كلامه - أو بشرط كون المال في عرضة التلف، كما هو الظاهر من ذيل كلامه؟
كما لم نحرز أن: " كون المال في عرضة التلف " شرط لزوال الملكية بالإعراض، أو لتملك الآخذ، أو لهما؟
وقال السيد اليزدي بالنسبة إلى الأرض المستأجرة إذا انقضت مدة الإجارة وكان أصل الزرع باقيا فنبت من جديد:
" إذا بقي في الأرض المستأجرة للزراعة بعد انقضاء المدة أصول الزرع فنبتت، فإن لم يعرض المستأجر عنها كانت له، وإن أعرض عنها وقصد صاحب الأرض تملكها كانت له، ولو بادر آخر إلى تملكها ملك وإن لم يجز له الدخول في الأرض إلا بإذن مالكها " (1).
والمفهوم من كلامه: أن مجرد الإعراض لا يزيل الملك، نعم يجوز للغير تملك المال المعرض عنه.
وعلق عليه السيد الحكيم، فنقل كلام ابن إدريس وبعض كلام صاحب الجواهر، وبعض الروايات الواردة في اللقطة ثم قال:
"... فإن الظاهر من الجميع: أن الاستنقاذ من التلف في ظرف عجز المالك - سواء كان ملتفتا إلى ذلك وترك المال عجزا منه، أم غير ملتفت إليه، كما في مورد النصوص الأخيرة - مملك. وعليه، فإن أمكن العمل بالنصوص تعين القول بذلك، ولا دخل للإعراض وعدمه ولا لإباحة المالك وعدمها في جواز التملك من المنقذ، وإن لم يمكن العمل بالنصوص - لإعراض المشهور عنها - فاللازم القول بعدم جواز التملك بمجرد ذلك وغيره ".
ثم قال: " ولم يتحقق من المشهور الإعراض عنها " أي النصوص.
ثم قال: " لكن إثبات القاعدة الكلية، وأن كل ما يؤدي بقاؤه إلى التلف لو لم يؤخذ، يجوز أخذه وتملكه، غير ظاهر ".
ثم قال: "... وأما إعراض المالك فلا يظهر من الأدلة كونه موجبا لخروج المال عن ملك مالكه وصيرورته من قبيل المباحات الأصلية، كما عرفت نسبته إلى المشهور، بل يظهر من كلماتهم المتعرضة لحكم الحب المتساقط: التسالم على خلاف ذلك... ".
ثم قال: " وأما تحليل نثار العرس وحطب المسافرين ونحوهما، فالظاهر اختصاصه بصورة حصول أمارة على إباحة المالك " (1).
وقال في إحياء الموات من منهاج الصالحين:
" الإعراض عن الملك لا يوجب ارتفاع الملكية، نعم إذا سبق إليه من تملكه ملكه، وإذا لم يسبق إليه أحد فهو على ملك مالكه، وإذا مات فهو لوارثه لا يجوز (1) المستمسك 12: 197 - 201.