وخلاصة ما جاء فيها هو:
أن خروج المال عن الملك إما بالاختيار أو بدونه. فالثاني مثل انفلات الطائر من يد الإنسان.
وأما الأول، فإما أن يكون الخروج بأحد الأسباب الاختيارية المعهودة كالبيع، والصلح، والهبة، ونحوها.
أو يكون الخروج برفع المالك يده عن علقة الملكية، وهو المعبر عنه بالإعراض.
ثم ذكر إعراضا آخر، وهو بمعنى إهمال المال وعدم الانتفاع منه دون قطع علقة الملكية. ثم قال:
إن مورد البحث هو الأول.
ثم ذكر للبحث مقامين:
الأول - هل الإعراض مزيل للملك أو لا؟
الثاني - هل يملك الغير ما أخذه من المال المعرض عنه أو لا؟
ثم ناقش بعض الأمثلة التي ذكروها للإعراض، لأنها إما من قبيل التمليك - ولو بنحو عام - كما في نثار الأعراس، أو من قبيل إهمال المالك لا بقصد إخراجه عن الملك، أو...
ثم قال في المقام الأول: مقتضى الأصل والقاعدة الأولية عدم زوال الملكية بالإعراض، لاستصحاب بقائها.
ثم قال: لكن الظاهر أن الإعراض عند العرف مخرج للملك عن الملكية، كما أن الحيازة تدخله في الملكية.
ثم ناقش استصحاب بقاء الملك بأمور ثلاثة:
1 - قيام السيرة على معاملة عدم بقاء الملك في بعض موارد الإعراض.
2 - دلالة عموم: " الناس مسلطون على أموالهم " (1) على سلطنة المالك على إخراج ماله عن ملكه.
3 - دلالة الروايات الخاصة على عدم بقاء الملك في مثل هذه الصورة.
ثم ناقش هذه المناقشات، وقال في مناقشته للروايات:
" فالمتحصل من مجموعها: جواز تملك المال المعرض عنه بشرطين: إعراض المالك، وكون المال في عرضة التلف فيحييه آخذه، لا أن المال يخرج عن ملك مالكه بمجرد الإعراض، حتى مع عدم أخذه وعدم كون المال في عرضة التلف ".
ثم استفاد من رواية حريز (2): أن مجرد عدم الطالب للمال يجعله في عرضة التلف، فعدم الطالب عبارة أخرى عن الإعراض.
ثم قال: " ومن هنا يستفاد حكم المقام الثاني وأن التملك يجوز في مورد الإعراض بالشرط الذي ذكرناه، وهو كون المال في عرضة التلف " (3).