ثانيا - إعفاف من تجب نفقته:
المعروف عند فقهائنا: أن إعفاف من تجب نفقته - وهم الوالدان والأولاد - مستحب وليس بواجب (1)، لكن نقل الشهيد الثاني في المسالك عن بعض أصحابنا وعن جماعة من العامة القول بوجوب إعفاف الأب، لأنه من المصاحبة بالمعروف المأمور بها في القرآن الكريم (2).
وعلى القول بعدم الوجوب، فهل يجب إذا اقتضت الضرورة؟
قال صاحب الجواهر: " إن محل البحث بين الأصحاب وجوبه من حيث كونه إعفافا باعتبار أنه من النفقة عرفا، أما مع فرض الاحتياج إليه، لشدة شبق أو أذية في مزاج أو نحو ذلك، فهو خارج عن محل البحث، وإن كان مندرجا حينئذ في البحث عما يتفق الاحتياج إليه من دواء ونحوه مما لم يكن من النفقة المعتادة، وفيه وجهان... " (3).
والقول بالوجوب - على فرضه - إنما يكون في صورة إعساره، وأما مع تمكنه من إعفاف نفسه فلا يجب على الابن ذلك (1).
ونفقة زوجة الأب تابعة للإعفاف، فإن قلنا بوجوب الإعفاف فالنفقة تكون واجبة، وإن قلنا باستحبابه فالنفقة مستحبة (2).
ثالثا - إعفاف سائر المؤمنين:
يستحب إعفاف المؤمن وإن لم يكن ممن تجب نفقته، وقد وردت للترغيب في ذلك روايات عديدة، منها:
1 - ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من زوج أعزبا كان ممن ينظر الله إليه يوم القيامة " (3).
والرواية مطلقة تشمل جميع أسباب التزويج من إعطاء المهر أو البنت ونحو ذلك.
2 - ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه قال: " ثلاثة يستظلون بظل عرش الله يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله:
رجل زوج أخاه المسلم، أو أخدمه، أو كتم له سرا " (4).