" إن الخبر إن كان صحيحا أو موثقا في نفسه، هل يكون إعراض المشهور عنه موجبا لوهنه وسقوطه عن الحجية أم لا؟ المشهور بينهم هو ذلك، بل صرحوا بأنه: كلما ازداد الخبر صحة ازداد ضعفا ووهنا بإعراض المشهور عنه. والتحقيق عدم تمامية ذلك أيضا، إذ بعد كون الخبر صحيحا أو موثقا وموردا لقيام السيرة ومشمولا لإطلاق الأدلة اللفظية على ما تقدم ذكرها، لا وجه لرفع اليد عنه لإعراض المشهور عنه. نعم إذا تسالم جميع الفقهاء على حكم مخالف للخبر الصحيح أو الموثق في نفسه، يحصل لنا العلم أو الاطمئنان بأن هذا الخبر لم يصدر من المعصوم (عليه السلام) أو صدر عن تقية، فيسقط الخبر المذكور عن الحجية لا محالة، كما تقدمت الإشارة إليه، لكنه خارج عن محل الكلام. وأما إذا اختلف العلماء على قولين، وذهب المشهور منهم إلى ما يخالف الخبر الصحيح أو الموثق، وأعرضوا عنه، واختار غير المشهور منهم ما هو مطابق للخبر المذكور، فلا دليل لرفع اليد عن الخبر الذي يكون حجة في نفسه لمجرد إعراض المشهور عنه " (1).
فإذن هو يفرق بين إعراض الجميع وإعراض المشهور، فيرى الأول موهنا للخبر دون الثاني.
مظان البحث:
اتضح مما تقدم: أن الفقهاء تعرضوا للقاعدة بمناسبات مختلفة وعند مواجهتهم لمواردها.
وأما الأصوليون فقد تعرضوا لها في موضعين:
الأول - عند البحث عن حجية خبر الواحد.
الثاني - عند البحث عن تعارض الخبرين وترجيح أحدهما على الآخر بموافقته للمشهور وطرح المخالف له.
لكن بعضهم تعرض له في الموضع الأول، وبعضهم في الثاني، وثالث لم يتعرض له أصلا.
اقتضاء راجع: قسم الفقه عنوان " اقتضاء ".
الأقل والأكثر لغة:
مفهومان واضحان، فالأقل أفعل التفضيل من القليل، والأكثر من الكثير، والقليل والكثير متضادان.
اصطلاحا:
يقعان عنوانا لمسألة أصولية مهمة، وهي مسألة دوران الأمر - أي التكليف - بين الأقل والأكثر، وتوضيح ذلك: