منصب الإفتاء، والقضاء، والولاية.
أما بلحاظ منصب الإفتاء، فالإطاعة منتفية لانتفاء محلها، لأن محل الإطاعة هو وجود الأمر والنهي، والفقيه بلحاظ منصب الإفتاء ليس له أمر أو نهي، وإنما هو مخبر عن الحكم الشرعي، وهذا الإخبار يكون حجة في حق غيره، فيجب عليه الأخذ به بلحاظ أنه حجة شرعا، لا من باب أنه أمر الفقيه أو نهيه فتجب إطاعته، وإن تساهل بعضهم في إطلاق الإطاعة على ذلك.
وأما بلحاظ الحكم بمعنى القضاء، فتجب إطاعته والأخذ بقوله، لأنه في هذا المقام ينشئ الحكم، والإنشاء يتضمن أمرا أو نهيا، فيتحقق محل الإطاعة.
وبناء على هذا قالوا: الفرق بين الإفتاء والحكم هو: أن الإفتاء إخبار عن الحكم الشرعي، والحكم هو إنشاء للحكم الشرعي (1).
وأما بلحاظ منصب الولاية، فيجب الأخذ بأمره ونهيه إذا كانا أمرا ونهيا ولائيين.
وسوف يأتي تفصيل ذلك في عنوان " ولاية " إن شاء الله تعالى.
حدود الإطاعة في من تقدم:
أما إطاعة الله ورسوله فغير محدودة بحد، بل تجب الإطاعة مهما بلغت، وكذلك إطاعة اولي الأمر بناء على تفسير مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
ويدل على ذلك كله قوله تعالى: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * (1) وقوله تعالى: * (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) * (2)، وقوله (صلى الله عليه وآله): " أنا أولى بكل مؤمن من نفسه " (3)، وقوله (صلى الله عليه وآله) أيضا: " ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه " (4).
فطبقا للنصوص المتقدمة يكون الله ورسوله والإمام أولى بالإنسان من نفسه، فلذلك تجب إطاعتهم مهما بلغت، ولا إشكال في ذلك بعد فرض عصمة النبي (صلى الله عليه وآله) والإمام (عليه السلام)، كما تقدم.
هذا كله في جانب تشريع الأحكام، وتبليغها، والتصرفات الولائية، أي التي تكون في إطار ما لهم من الولاية والحكومة.
وأما الأوامر الشخصية الواردة من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) أو الإمام (عليه السلام) فهل يجب إطاعتهما فيها أو لا؟
قال السيد الخوئي: " الظاهر أيضا عدم الخلاف في وجوب إطاعة أوامرهم الشخصية التي ترجع إلى