محمد وآل محمد (عليهم السلام) ومن نور هدايتهم، والروايات بذلك جاوزت حد التواتر. وقد عقد المحدثون في كتبهم عدة أبواب لهذا الموضوع.
ثانيا - الاقتباس بمعنى تضمين الكلام بالقرآن والحديث:
لم يتطرق الفقهاء إلى هذا الموضوع في كتبهم الفقهية، نعم لهم كلام في جواز التكلم بالقرآن أو الدعاء والذكر في أثناء الصلاة للدلالة على أمر، كما إذا استأذن شخص بالدخول فقال المصلي:
* (ادخلوها بسلام آمنين) * (1)، لكنه خارج عما نحن فيه، لأنه إن كان فيه إشكال فإنما هو من جهة عدم قصد القرآنية أو قصد غيرها معه في الصلاة، فيكون مخلا بها (2).
وأما في غير الصلاة فلم يتعرضوا له، ولكن قامت السيرة العملية على العمل به إجمالا حتى من قبل الأئمة (عليهم السلام)، فقد استعملوا الاقتباس في كلماتهم وأحاديثهم وأدعيتهم، واستعمله الفقهاء أيضا.
قال السيد علي خان في شرح الصحيفة السجادية بعد تعريف الاقتباس: " وقد وقع في خطب أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ودعاء أهل البيت (عليهم السلام) كثيرا، وهو يدل على جوازه في مقام المواعظ والدعاء والثناء على الله سبحانه.
وأما جوازه في الشعر وفي غير ذلك من النثر فلم أجد فيه نصا من علمائنا.
نعم قال الشيخ صفي الدين الحلي من أصحابنا في شرح بديعيته: الاقتباس على ثلاثة أقسام:
محمود مقبول، ومباح مبذول، ومردود مرذول.
فالأول: ما كان في الخطب والمواعظ والعهود ومدح النبي وآله (عليهم السلام) ونحو ذلك.
والثاني: ما كان في الغزل والصفات والقصص والرسائل، ونحوها.
والثالث: على ضربين:
أحدهما: تضمين ما نسبه الله سبحانه إلى نفسه، كما نقل عن أحد بني مروان: أنه وقع على مطالعة فيها شكاية عماله: إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم.
الثاني: تضمين آية كريمة في معرض هزل وسخف، نعوذ بالله من ذلك. انتهى كلامه.
ولا أعلم مستنده في هذا التفصيل " (1).
وفيما يلي نذكر بعض نماذج الاقتباس في كلمات الأئمة (عليهم السلام) والعلماء (رض):
الاقتباس من القرآن في نهج البلاغة:
1 - من ذلك ما قاله (عليه السلام) ضمن خطبة يحرض بها أصحابه في صفين فقد جاء فيها: "... فصمدا صمدا حتى ينجلي لكم عمود الحق وأنتم الأعلون، والله معكم، ولن يتركم أعمالكم " (2).