انحصار البحث في الارتباطيين:
والمبحوث عنه في الأصول هو خصوص الارتباطيين، وأما الاستقلاليان فإنما يشار إليهما في مقدمة البحث توضيحا للارتباطيين، ولذلك تتركز أبحاث الأصوليين في الارتباطيين. ووجهه:
أن الحكم في الاستقلاليين واضح، فإنه يجب الأخذ بالمتيقن ويجري أصل البراءة في الزائد من ذلك على المشهور، فيجب عليه في مثال الدراهم أن يدفع خمسة، وأما الزائد عليها فتجري فيه البراءة، لأن الشبهة فيه بدوية.
وكذا في مثال التحريم، فإن المحرم قطعا هو قراءة آية السجدة، وأما سائر الآيات فحيث كانت حرمتها مشكوكة فتجري فيها البراءة.
حالات دوران الأمر بين الأقل والأكثر:
لدوران الأمر بين الأقل والأكثر حالات نشير إليها فيما يلي:
1 - الدوران بينهما في الأجزاء.
2 - الدوران بينهما في الشرائط.
3 - الدوران بين التعيين والتخيير.
أولا - دوران الأمر بين الأقل والأكثر في الأجزاء:
ومثال هذه الصورة: ما لو علم المكلف بوجوب الصلاة وشك في أنها متكونة من تسعة أجزاء بما فيها السورة، أو تسعة أجزاء مع حذف السورة، كما تقدم.
اختلف الأصوليون في أن الأصل الجاري في هذا المورد هل هو البراءة أو الاشتغال والاحتياط؟
ويتركز وجه القائلين بجريان أصالة البراءة في: أن العلم الإجمالي ينحل إلى تكليف معلوم تفصيلا وهو الأقل، لأن الأقل هو القدر المتيقن مما تعلق به التكليف، وإلى تكليف مشكوك وهو الأكثر، فتجري فيه البراءة، لأنه شبهة بدوية، وبعبارة أخرى تندرج المسألة في مسألة الشك في التكليف حيث تجري فيه البراءة.
وأما القائلون بجريان أصالة الاشتغال فيرون أن العلم الإجمالي لا ينحل في هذه الصورة، لوجود موانع من انحلاله، فالواجب عندهم الإتيان بالأكثر. وبعبارة أخرى: يكون المورد من قبيل دوران الأمر بين المتباينين فيندرج في الشك في المكلف به الذي يجب فيه الاحتياط (1).
ملاحظة:
إن البحث عن الأقل والأكثر إنما يكون بعد الفراغ من جهتين:
الأولى - الالتزام بجريان أصالة البراءة في الشبهات البدوية.
الثانية - الالتزام بمنجزية العلم الإجمالي وجريان أصالة الاشتغال عند دوران الأمر بين