المحقق: " من أحدث ما يوجب حدا أو تعزيرا أو قصاصا ولجأ إلى الحرم، ضيق عليه في المطعم والمشرب، بأن لا يمكن من ماله، بل يطعم ويسقى ما لا يحتمله مثله عادة، أو ما يسد الرمق، كما عن بعض " (1).
ثم ادعى عدم الخلاف في ذلك، ثم قال ما مضمونه: أن النصوص خالية من كلمة " التضييق "، لكن يمكن أن تراد ولو بمعونة الفتاوى والنصوص التي منها صحيح معاوية بن عمار، قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل قتل رجلا في الحل ثم دخل في الحرم، فقال: لا يقتل ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى حتى يخرج من الحرم، فيقام عليه... " (2).
5 - إطعام الطعام المغصوب للغير:
لا إشكال في أن إطعام الطعام المغصوب للغير حرام من جهة أنه تصرف في مال الغير وإتلاف له من دون إذن. ولكن هل يحرم من جهة أنه تسبيب لأكل الغير للحرام أو لا؟ فبهذا اللحاظ يدخل في البحث المتقدم: من أن التسبيب إلى الحرام حرام أو لا؟ وقد تقدم الكلام عنه.
هذا من حيث الحكم التكليفي، وأما من حيث الحكم الوضعي، أي الضمان، فإن الشخص المطعم تارة يكون هو المالك، وأخرى غيره. وتارة يكون مع علمه بالغصب، وأخرى مع جهله به وصدق الغرور في حقه.
ولا إشكال ظاهرا في أن الضمان على الغاصب مع جهل المباشر، وهو الشخص المطعم، لو كان هو المالك، مع صدق الغرور.
قال صاحب الجواهر مازجا كلامه بكلام المحقق: " ولو غصب مأكولا مثلا، فأطعمه المالك، بأن قال له: هذا ملكي وطعامي، أو قدمه إليه ضيافة أو نحو ذلك مما يتحقق به الغرور منه... ضمن الغاصب بلا خلاف ولا إشكال... " (1).
أما لو كان غير المالك، فقد نقل فيه صاحب الجواهر قولين: الأول - أنه يجوز للمالك أن يرجع على كل من الغاصب والمباشر، لكن إن رجع على الغاصب وضمنه لا يحق للغاصب تضمين المباشر للإتلاف، وإن رجع على المباشر، فللمباشر أن يرجع على الغاصب ويضمنه، لأنه كان سببا في تغرير المباشر بالأكل.
الثاني - أنه ليس له أن يرجع إلا على الغاصب، لأنه أقوى من المباشر وهو الآكل، ثم قال صاحب الجواهر: " لم نتحقق قائله منا... نعم هو قول الشافعي في القديم... " (2).
هذا إذا كان المباشر للإتلاف جاهلا بالغصب وصدق في حقه أنه مغرور، وأما إذا كان عالما به، فإن كان المباشر هو المالك، فلا ضمان على الغاصب، (1) الجواهر 37: 142، وانظر المسالك 12: 157 و 205.
(2) الجواهر 37: 145، وانظر المسالك 12: 157 و 205.