فدخل عليه رجل ومعه ابن له، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): ما تجارة ابنك؟ قال: التنخس (1)، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): " لا تشتر شينا ولا عيبا، وإذا اشتريت رأسا فلا يرين ثمنه في كفة الميزان، فما من رأس يرى ثمنه في كفة الميزان فأفلح، وإذا اشتريت رأسا فغير اسمه وأطعمه شيئا حلوا إذا ملكته، وصدق عنه بأربعة دراهم " (2).
كانت هذه أهم الموارد للإطعام المندوب، وهناك موارد أخرى لم نتعرض لها مخافة التطويل، مثل: إطعام الحيوانات غير المملوكة، وخاصة مثل إطعام حمام الحرم ونحوه.
رابعا - الإطعام المكروه:
لم أعثر على تصريح للإطعام المكروه، نعم يمكن أن يكون من موارده انقلاب عنوان " الاستحباب " إلى " الكراهة " لبعض العناوين الثانوية الطارئة، مثل الإطعام الذي يوجب تقوية شخص المطعم على ارتكاب بعض المعاصي، لكن إذا لم يصل إلى حد السببية وإلا فيحرم، لأنه يكون مقدمة للحرام.
خامسا - الإطعام المباح:
وهو سوى ما تقدم، أي الإطعام الذي لم يتصف بالوجوب أو الحرمة أو الاستحباب أو الكراهة، كإطعام أشخاص دون لحاظ المرجحات الشرعية، ككونهم مؤمنين أو محتاجين، أو نحو ذلك مما يوجب ترجيح الإطعام.
أمور حول الإطعام ينبغي الكلام عنها:
1 - الوقف على الإطعام:
إن الوقف على الإطعام إنما يكون على أحد نحوين:
أ - أن يوقف عينا - مثل بستان أو دار أو دكان ونحوها - على إطعام الفقراء، أو زوار أحد المشاهد المشرفة، فيصرف ثمرة العين الموقوفة في الإطعام. وهذا مما لا إشكال فيه، لشمول أدلة الوقف ذلك، وقد جرت بذلك السيرة.
ب - أن يوقف الطعام المعين للإطعام على فئة معينة، وهذا لا يصح بلا إشكال، لأن من شروط العين الموقوفة أن تبقى وتصرف منفعتها في جهة الوقف، وأما إذا استلزم وقفها إتلافها فلا يصح الوقف.
قال السيد اليزدي: " الشرط الثالث - أن يمكن الانتفاع به مع بقائه، فلا يصح وقف الأطعمة والفواكه ونحوهما مما يكون الانتفاع به إتلافه " (1).